قال:(ثم تراويح، ثم وتر) التراويح: هو قيام الليل في رمضان، وسمي تراويح؛ لأن الناس كانوا يطيلون القيام فيه والركوع والسجود، فإذا صلوا أربعًا استراحوا، ثم استأنفوا الصلاة أربعًا، ثم استراحوا، ثم صلوا ثلاثًا، على حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة؛ يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثًا (٩)، وهذه الأربع التي كان يصليها أولًا ثم ثانيًا يسلم فيها من ركعتين، كما جاء ذلك مفسرًا عنها رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في الليل إحدى عشرة ركعة يسلم من كل ركعتين (١٠).
وبه نعرف أن من توهم أن هذه الإحدى عشرة تجمع الأربع في سلام واحد والأربع في سلام واحد فإنه واهم، ولعله لم يطلع على الحديث الذي صرحت فيه بأنه يسلم من كل ركعتين.
وفي الحقيقة أن هذا المسلك الذي يسلكه بعض الناس -وهو التسرع في الحكم من غير تأمل- مسلك مُشْكِل؛ لأننا حتى على فرض أن عائشة لم تفصِّل، فإن قول الرسول صلى الله عليه وسلم:«صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى»(١١) يحكم على هذه الأربع بأنها يُسلِّم فيها من كل ركعتين؛ لأن فعل الرسول الْمُجْمَل يفسِّره قوله المفصَّل.
أما الوتر فإنه سيأتينا -إن شاء الله- أن أقله ركعة، وأكثره إحدى عشرة ركعة، ويأتي بيان صفته أيضًا.
والوتر سنة مؤكدة، حتى عند القائلين بأنه سنة يرون أنه من السنن المؤكدة جدًّا، حتى إن الإمام أحمد رحمه الله قال: من ترك الوتر فهو رجل سوء لا ينبغي أن تقبل له شهادة، فوصفه بأنه رجل سوء، وحكم عليه بأنه غير مقبول الشهادة، وهذا يدل على تأكد صلاة الوتر.