إذن، فلنا أن نقول: نعم، هذا ليس على عمومه، ويُخص بالأحوال العارضة، ولنا أن نقول: إنه عامٌّ؛ باقٍ على عمومه، لا يخصص منه شيء، لكنه عام أريد به الخصوص؛ يعني: أن المراد: لا يذل ذلًّا دائمًا، ولا يعز عزًّا دائمًا، وعلى هذا فلا يحتاج أن نقول: إنه عام دخله التخصيص، بل نقول: إنه من الأصل، لم يقصد به العموم، وإنما قصد به العز المعين والذل المعين، فالذل على سبيل الإطلاق هذا منفي عن أولياء الله، والعز لأعداء الله على سبيل الإطلاق هذا أيضًا منفي.
(تباركت ربنا وتعاليت) في هذا إشكال، (تباركت ربَّنا) كيف قال: (ربَّنا)، والمعروف أن الفاعل مرفوع؟
طالب: هذا منادى ( ... )، والـ (يا) محذوفة؛ يعني: يا ربنا.
الشيخ: إي، وأين الفاعل؟ (تباركت) اعتبارًا.
الطالب: والجملة منادى كلها.
الشيخ: إي، لكن فاعل تبارك.
الطالب: التاء.
الشيخ: التاء.
(تباركت ربَّنا) التقدير: تباركت يا ربنا، ومعنى التبارك في الله عز وجل: أنه سبحانه وتعالى منزل البركة، وأن بذكره يحصل البركة، وباسمه يحصل البركة، ولذلك نجد أن الرجل لو قال على الذبيحة: باسم الله صارت حلالًا، ولو لم يقل: باسم الله صارت حرامًا، ولو قال: باسم الله على وضوئه صار صحيحًا، ولو لم يقل: باسم الله صار غير صحيح عند كثير من أهل العلم.
وإن كان الصحيح أنه لا يشترط ولا تجب التسمية في الوضوء، لكن على القول بأنها واجبة إذا تركها عمدًا لم يصح وضوؤه.
وقوله:(ربنا)، أي: يا ربنا، وحذفت ياء النداء لسببين: لكثرة الاستعمال، وللتبرك بالبداءة باسم الله عز وجل.