وهذا من خير ما ( ... ) عبارة الوجيز وإذا هي نفس كلام المؤلف، صاحب الوجيز متقدم على هذا؛ فإما أن يكون هذا من باب الاتفاق؛ لأنه أحيانًا تكون عبارة هذا الرجل المتأخر كعبارة المتقدم من غير أن يطلع عليها، لكن اتفاقا، وقد يكون أن المؤلف يستعين بكتاب الوجيز، لكن الظاهر لي -والله أعلم- أنه من باب الاتفاق؛ لأن المؤلف ليس هينًا، عالم من أجلاء العلماء، وإذا أردت أن تعرف مقدار علمه فانظر إلى كتابه الإقناع، كتاب الإقناع تجد أن الرجل مع كونه واسع الاطِّلاع في المذهب، له أيضًا اختيارات وترجيحات، وكثيرًا ما يميل إلى قول شيخ الإسلام ابن تيمية.
طالب:( ... )؟
الشيخ: والله نسيت من مؤلفه الآن ما يحضرني، لكنه ذكره صاحب الإنصاف.
قال المؤلف رحمه الله:(إذ الهمم قد قصرت)(إذ) حرف تعليل، و (الهمم) مبتدأ، والجملة (قد قصرت) خبره.
(الهمم) جمع (همة)، وهي: الإرادة الجازمة، وقد يراد بالهمة ما دون الإرادة الجازمة، وهي شاملة لهذا وهذا.
همم الناس منذ زمن المؤلف رحمه الله في القرن الثامن أو التاسع قد قصرت، والآن أقصر وأقصر، أو الله أعلم.
وقوله:(إذ الهمم قد قصرت) هذه الجملة تعليل لقوله: (مختصر)، و (حذفت) يعني: اختصرته، وحذفت هذا؛ لأن الهمم قد قصرت، الهمم قصرت في زمنه.
أيضًا مع قصور الهمم هناك صوارف، فليس هناك مقتضي، المقتضي ضعف، ويش المقتضي؟ الهمة ضعفت، وهناك أيضًا صوارف؛ ولهذا قال:(والأسباب المثبطة عن نيل المراد قد كثرت) فإذا ضَعُفَ أو قصر الباعث وقوي الصارف يتم الشيء ولَّا لا؟ ما يتم الشيء.
وقوله:(الأسباب) جمع (سبب)، وهو في اللغة: ما يتوصل به إلى المطلوب، وهو المراد هنا، المراد به السبب اللغوي ما هو الاصطلاحي.