ثم قال المؤلف:(ويكبر إذا سجد)؛ لأنها صلاة، والصلاة لا بد له من تحريمة، وتحريمها التكبير. وأما عند من يقول: إنها ليست بصلاة فإنه يقول لا يُكبِّر؛ لأنه سجود مجرد، والأحاديث التي رُويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في السجود ليس فيها أنه كان يكبر وليس فيها أيضًا أنه كان يقوم، ثم يخر، بل يسجد عن قعود، إذن فلا قيام، ولا تكبير؛ لأن القيام تعبدًا لله يحتاج إلى دليل، والتكبير ذِكر يحتاج أيضًا إلى دليل، أما على رأي المؤلف -رحمه الله- فيقول: إن سجود التلاوة صلاة، والصلاة لا بد فيها من تكبير؛ ولهذا قال:(يكبر إذا سجد).
(ويكبر إذا رفع)؛ لأن سجود الصلاة يكبر إذا سجد وإذا رفع، وهي صلاة سجود التلاوة، فيكبر إذا سجد، ويكبر إذا رفع.
قال المؤلف:(ويجلس) يجلس وجوبًا جلوسًا، لكنه جلوس لا ذِكر فيه إلا شيئًا واحدًا؛ ولهذا قال:(ويُسلِّم ولا يتشَهَّد) فصار -على كلام المؤلف- السجود فيه تكبير قبل، تكبير بعد، تسليم، جلوس، تسليم. أربع، وليس فيه تشهُّد؛ لأن التشهد إنما ورد في الصلاة، ولكن ظاهر السنة أنه ليس فيها تكبير، وليس فيها سلام، بل يسجد، ويذكر الله بأذكار السجود، ويقوم وينصرف.
إلا إذا كان في صلاة فإنه يجب أن يكبر إذا سجد، ويكبر إذا رفع وجوبًا؛ لأنها إذا كانت في الصلاة ثبت لها حكم الصلاة قولًا واحدًا، انتبه، حتى الذين يقولون: يمكن أن يسجد إلى غير القبلة، إذا كان في الصلاة لا يقولون بذلك، لا يقولون: يجوز عند سجود التلاوة أن تنصرف وتسجد إلى غير القبلة، فهي إذا كانت في الصلاة كان لها حكم سجود الصلاة؛ يعني يُكبِّر إذا سجد، ويُكبِّر إذا رفع، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسجد في صلاته، كما صح ذلك عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن الرسول سجد في (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ) في صلاة العشاء (٢)، وثبت عنه أنه كان يكبر في كل رفع وخفض، كلما رفع وخفض كبَّر فيدخل في هذا العموم سجود التلاوة.