وقوله:(عند تجدد النعم) يعني عند النعمة الجديدة احترازًا من النعمة المستمرة، النعمة المستمرة لو قلنا للإنسان: إنه يستحب أن تسجد لها لكان الإنسان دائمًا في سجود؛ لأن الله يقول:{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}[إبراهيم: ٣٤]، والنعمة المستمرة دائمًا مع الإنسان، سلامة السمع، وسلامة البصر، وسلامة النطق، وسلامة الجسم، كل هذا من النعم، التنفس من النعم، ومن الذي يُحصي التنفس؟
لهذا نقول: عند تجدد النعم الجديدة الطارئة، مثال ذلك: إنسان نجح في الاختبار وهو مشفق ألا ينجح، نقول هذه أيش؟ تجدد نعمة، يسجد لها، إنسان سمع انتصارًا للمسلمين في أي مكان، هذا تجدد نعمة، يسجد لله شكرًا، إنسان بُشِّر بولد، هذه تجدد نعمة يسجد لها، وعلى هذا فَقِس. وليس هذا على سبيل الوجوب، بل هو على سبيل الاستحباب، اندفاع النِّقم، رجل حصل له حادث في السيارة، وهو يسير وانقلبت السيارة، وخرج سالِمًا هنا يسجد أو لا؟
يسجد؛ لأن هذه النقمة وُجِد سببها وهو الانقلاب، لكنه سلِم، فنقول: الآن اندفعت عنك نقمة وُجِد سببها فاسجد للشكر.
إنسان شب في بيته حريق فيسَّر الله القضاء عليه وأطفأها، هذا أيضًا اندفاع نقمة، يسجد لله تعالى شكرًا، كذلك أيضًا إنسان سقط في بئر، فخرج سالمًا، هذا اندفاع نقمة، يسجد للشكر.
المهم أن المراد بذلك اندفاع النقم أيش المستمر ولَّا المتجدد؟
المتجدد، الشيء الطارئ، أما المستمر فلا يمكن إحصاؤه، ولو أننا قلنا لإنسان: يستحب لك أن تسجد لكان دائمًا في سجود.
دليل ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جاءه أمر يُسرُّ به سجد لله شكرًا (٨)، وكذلك عمل الصحابة، فإن علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما قاتل الخوارج وقيل له: إن في قتلاهم ذا الثُّدية الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يكون فيهم؛ سجد لله شكرًا (٩)؛ لأنه إذا كان ذو الثدية مع مقاتليه صار هو على الحق وهم على الباطل، فسجد لله شكرًا.