للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن الصحيح أنه يلزم المأمومَ متابعتُه حتى في صلاة السر؛ وذلك لأن الإمام إذا سجد فإن عموم قوله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا» (٧)، يتناول هذه السجدة، وهذه السجدة لا تبطل صلاة الإمام؛ لأن أعلى ما يقال فيها أنها مكروهة على كلام الفقهاء، والصحيح أنها ليست بمكروهة، وأنه يسجد، وفي هذه الحال يلزم المأموم متابعته؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا».

إذن القول الراجح أن المأموم يلزمه متابعة الإمام في سجود التلاوة؛ في الصلاة السرية وفي الصلاة الجهرية.

ثم انتقل المؤلف إلى نوع آخر من السجود فقال: (ويستحب سجود الشكر عند تجدد النعم واندفاع النقم)

إذا قال العلماء: (يُستْحب) أو (يُسنّ)، فإن حكم ذلك أن يُثاب فاعله امتثالًا، ولا يُعاقَب تاركه؛ إذن فسجود الشكر إن فعلته أُثبت وإن تركته لم تأثم.

وسجود الشكر الإضافة فيه من باب إضافة الشيء إلى نوعه، كما تقول: خاتم من حديد؛ لأن هذا السجود نوع من الشكر، والشكر في الأصل هو الاعتراف بالنعم باللسان والإقرار بها بالقلب، والقيام بطاعة الْمُنعِم في الجوارح، وعلى هذا قال الشاعر:

أَفَادَتْكُمُ النَّعْمَاءُ مِنِّي ثَلَاثَةً

يَدِي وَلِسَانِي وَالضَّمِيرَ الْمُحَجَّبَا

يدي (الجوارح)، لساني (اللسان)، الضمير المحجب هو (القلب)، فتعترف بقلبك أن النعمة من الله، وتنطق بذلك بلسانك {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: ١١]، وتشكر الله بجوارحك، تقوم بطاعته، ولهذا فسَّر بعض العلماء الشكر بأنه طاعة الْمُنعِم.

هناك نوع خاص من أنواع الشكر، وهو هذا السجود، لكن هذا السجود كما قال المؤلف: (يُستحب عند تجدد النعم واندفاع النقم).

<<  <  ج: ص:  >  >>