للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا؛ فإذا دخلت المسجد لصلاة المغرب قبل الغروب بربع ساعة هل تجلس أو تُصلِّي؟ تُصلِّي ولا حرج، بل لو جلست لكنت واقعًا في نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن الجلوس لمن دخل المسجد حتى يصلي ركعتين.

وقول المؤلف: (حتى ما له سبب) إشارة إلى أي شيء؟ إلى الخلاف في هذه المسألة، مع أن الخلاف قوي، وقد ذكر بعض المتأخرين أنهم إذا قالوا: (ولو كذا) فالخلاف قوي، وإذا قالوا: (وإن كان كذا) فالخلاف أضعف؛ يعني قوي، ولكنه أضعف، وإذا قالوا: (حتى) فالخلاف ضعيف.

ولكن الخلاف في هذه المسألة قوي جدًّا، لا من حيث الدليل، ولا من حيث المخالفين.

ما تقولون في رجل توضأ بعد صلاة العصر؟ هل يصلي سُنّة الوضوء أو لا يُصلي؟

طلبة: يصلي.

الشيخ: لا، إن قلتم: يُصلِّي؛ فخطأ، وإن قلتم: لا يصلي؛ فخطأ، إن توضأ ليصلي؛ فلا يجوز؛ لأنه تعمَّد الصلاة في أوقات النهي، وإن توضأ للطهارة؛ فحينئذ يُصلي على القول بأنه يجوز أن يصلي النافلة التي لها سبب في أوقات النهي، أما على رأي من يقول: إنه لا يُصلَّى من النوافل إلا ما خصَّصوها، فلا يجوز.

لو أن رجلًا تقدم إلى صلاة المغرب يوم الجمعة في آخر النهار من أجل أن يصلي تحية المسجد حتى يشمله الحديث: «إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ لَسَاعَةً، لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ» (١٣)، فهل نقول: إن هذا حرام، أو نقول: إن هذا جائز؟

طالب: الأول.

الشيخ: نقول: إن قصد المسجد ليصلي؛ فهذا حرام، كما قلنا: لو توضأ ليصلي، وإن قصد المسجد من أجل التقدم لصلاة المغرب، ثم لما دخل قام يُصلي ركعتين من أجل أنه دخل المسجد؛ فهذا لا بأس به، حتى وإن كان لا يتقدم إلا يوم الجمعة؛ فإنه لا بأس به.

إذن هناك فرق بين من يتوضأ ليصلي، وبين من يتوضأ لا للصلاة، ولكن قلنا له: إذا توضأت فصلِّ، أليس كذلك؟

ثم قال المؤلف رحمه الله: باب صلاة الجماعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>