للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ» خاص في الصلاة، عام في الزمن، فكيف تأخذون بعموم: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا»، وتقولون: إنه مخصص لعموم: «لَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ» أو «بَعْدَ الْعَصْرِ» ولا تأخذون بعموم: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ»؟ فالصحيح أن ما له سبب يُفعل في أوقات النهي للأوجه الآتية:

أولًا: أن عمومها محفوظ؛ والعموم المحفوظ أقوى من العموم المخصوص.

ثانيًا: أنها مقرونة بسبب، فيبعد أن يقع فيها الاشتباه في مشابهة المشركين؛ لأن النهي عن الصلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها؛ لئلَّا يتشبه المصلي بالمشركين الذين يُصلُّون لها -أي للشمس- إذا طلعت وإذا غربت، فإذا أُحِيلت الصلاة على سبب معلوم كانت المشابهة بعيدةً أو غير بعيدة؟ بعيدة؛ لأن أي واحد يقول: ليش أصلي الآن؟ قال: لأنه دخل المسجد مثلًا؛ لأنه توضأ، والوضوء يسن عقبه الصلاة.

ثالثًا: أنه في بعض ألفاظ أحاديث النهي: «لَا تَتَحَرَّوُا الصَّلَاةَ» (١٢)، والذي يصلي لسبب هل يقال: إنه متحرٍّ للصلاة عند طلوع الشمس وغروبها؟ لا، ما يقال إنه متحرٍّ، بل يقال: صلَّى لسبب.

المتحرّي: هو الذي يرقب الشمس، فإذا قاربت الطلوع مثلًا قام وصلَّى، أو الذي يرقُب وقت النهي، فإذا جاء وقت النهي قام فصلى؛ فلهذه الوجوه الثلاثة كان القول الراجح أن ما له سبب يجوز أن يُصلَّى في أوقات النهي، وهذا مذهب الشافعي، وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وشيخنا عبد الرحمن بن سعدي، وشيخنا عبد العزيز بن باز، وهو الراجح، المهم أن الأدلة تؤيد هذا القول.

<<  <  ج: ص:  >  >>