ما هو العام في النهي؟ «لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ»(١٠)، مخصوص بمسائل متفق عليها، وهي قضاء الفرائض؛ متفق عليها، إعادة الجماعة؛ متفق عليها، ركعتا الطواف متفق عليها، ركعتا تحية المسجد لمن دخل والإمام يخطب يوم الجمعة؛ متفق عليها، فلما كان هذا العموم مخصوصًا بمسائل متفق عليها؛ صارت دلالته على العموم ضعيفة؛ لأنه صار عمومًا مُخرَّقًا؛ يعني مستثنى فيه أشياء متفق عليها، فضعف عمومه؛ حتى إن بعض العلماء من الأصوليين قال: إن العام إذا خُصّ بطلت دلالته على العموم نهائيًّا؛ لأن تخصيصه يدل على عدم إرادة العموم، وإذا بطل عمومه لم يكن معارِضًا للأحاديث الدالة على فعل هذه الصلوات التي لها سبب.
ولهذا نقول: إن القول الصحيح في هذه المسألة: أن ما له سبب يجوز في أوقات النهي كلها، الطويلة والقصيرة؛ لأن عمومه محفوظ، هذا واحد، والعموم المحفوظ أقوى من العموم المخصوص؛ لأن معنى محفوظ أنه لم يُخصَّص، فهذا العموم المحفوظ أقوى من العموم المخصوص.
ثانيًا: أن نقول: ما الفرق بين العموم في قوله: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا»(١١). وقوله:«إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ»(٨)؟
فإذا قلتم: إن قوله: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا» عام في الزمن فليكن قوله: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ» عامًّا في الزمن ولا فرق؛ فإن قوله:«مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا» خاص في الصلاة عام في الزمن.