«لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ»(٩)، فيه عموم، وفيه خصوص؛ العموم في الصلاة في قوله:«لَا صَلَاةَ»، العموم لا تحية مسجد ولا غيرها، لا صلاة، الخصوص: الزمن «بَعْدَ الْعَصْرِ»، فصار عموم الزمن في قوله:«إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ». مخصوصًا بخصوص الزمن في قوله:«بَعْدَ الْعَصْرِ»، وصار عموم:«لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ» يتعارض مع خصوص تحية المسجد؛ فلهذا صار بينهما عموم وخصوص؛ فإذا دخل إنسان المسجد إن قلت له: صلِّ خالفت النهي، ووافقت الأمر، وإن قلت: لا تُصلِّ وافقت النهي وخالفت الأمر، إذن ماذا؟ هل أوافق الأمر أو أوافق النهي؟ يقول المؤلف: وافق النهي؛ يعني معناه انتهِ لا تخالف النهي فلا تُصلِّ.
عِلّتهم في ذلك يقولون: إنه اجتمع مُبيح وحاظِر، أو اجتمع أمر ونهي؛ فالاحتياط التجنب خوفًا من الوقوع في النهي، كما قالوا: إذا اجتمع مُبيح وحاظر قُدِّم الحاظر؛ فلذلك نمنع ونقتصر على ما ورد به النص من إعادة الجماعة وركعتي الطواف وما أشبهها.
وذهب بعض أهل العلم إلى ترجيح الأمر الخاص، وعلَّلوا ذلك بأنه تعارَض عامَّان وخاصَّان؛ والعام في النهي مخصوص بمسائل مُتفق عليها.