وصح في مسلم، جاء في صحيح مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: لقد رأيتنا -يعني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم- وما يتخلف عنها إلا منافِق أو مريض. أو قال: منافق معلوم النفاق أو مريض، ولقد كان الرجل يُؤتى به يُهادَى بين الرجلين حتى يُقام في الصَّف (٢١). إلى هذا الحد، الرجل مريض ويُؤتى به يُهادَى بين الرجلين، يُمشّى بين الرجلين شوي شوي حتى يُقام في الصف؛ ولأن ما فيها من المصالح والمنافع يدل على أن الحكمة بوجوبها.
ففيها: التواد بين الناس؛ لأن ملاقاة الناس بعضهم بعضًا، ومصافحة الناس بعضهم بعضًا تُوجِب المودة.
ثانيًا: فيها التعارف، ولهذا نجد أن الناس إذا صلَّى عندهم رجل غريب في المسجد، جعلوا يسألون عنه: من هذا؟ من الذي صلَّى معنا؟ فيحصل التعارف، والتعارف فيه فائدة؛ منها: أنه قد يكون قريبًا لك فيلزمك من صلته بقدر قرابته.
ومنها: إظهار شعيرة من شعائر الإسلام، بل من أعظم شعائر الإسلام؛ وهي الصلاة؛ لأن الناس لو بقوا يصلون في بيوتهم ما عُرف أن هنالك صلاةً.
ومنها: إظهار العز؛ عز المسلمين، إذا دخلوا المساجد، ثم خرجوا جميعًا بهذا الجمع.
ومنها: تعليم الجاهل؛ فإن كثيرًا من الناس يستفيد ما يُشرع في الصلاة بواسطة صلاة الجماعة، حيث يقتدي بمن إلى جنبه، ويقتدي بالإمام وما أشبه ذلك.
ومنها: تعويد الأمة الإسلامية على الاجتماع، وعدم التفرق؛ لأن هذا الاجتماع يُشكِّل اجتماع الأمة عمومًا؛ إذ إن الأمة عمومًا مجتمِعة على طاعة ولي أمرها وقائد مسيرتها، هذه الصلاة في الجماعة ولاية صُغرى؛ لأنهم يقتدون بمن؟ بإمام واحد، يتابعونه تمامًا؛ فهي تشكل النظرة العامة للإسلام؛ وهي أن المسلمين يجتمعون على إمام يقودهم حتى لا يختلفوا ويتشتتوا.