ومنها أيضًا؛ من فوائدها: ضبط النفس؛ لأن الإنسان إذا اعتاد على أن يتابع إمامًا متابعةً دقيقةً، إذا كبَّر فكبّروا متابعة، لا تتقدم ولا تتأخر كثيرًا، ولا توافِق، بل تابِع، فيتعود الإنسان بهذا ضبط النفس.
ومنها: استشعار الناس وقوفهم صفًّا في الجهاد، كما قال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا}[الصف: ٤]، وهؤلاء الذين صاروا صفًّا في الجهاد؛ لا يتقدم بعضهم على بعض لا شك أنهم إذا تعودوا ذلك في الصلوات الخمس، كل يوم خمس مرات، سوف يكون وسيلةً إلى ائتمامهم بقائدهم في صف الجهاد حيث لا يتقدمون ولا يتأخرون عن أوامره.
ومنها: شعور المسلمين بالمساواة؛ لأنه في هذا المسجد يجتمع أغنى الناس إلى جنب أفقر الناس، والأمير إلى جنب المأمور، والحاكم إلى جنب المحكوم، والصغير إلى جنب الكبير، وهكذا فيشعر الناس بأنهم سواء، ولهذا أُمِروا بمساواة الصفوف حتى قال الرسول عليه الصلاة والسلام:«لَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ»(٢٢).
ومنها أيضًا: ما يحصل من تفقّد الأحوال؛ أحوال الفقراء، أحوال المرضى، فإن الإنسان إذا روئِي مع الناس وعليه ثياب بالية، ويبدو عليه علامات الجوع؛ رحمه الناس، ورقوا له، وتصدَّقوا عليه، كذلك إذا تخلَّف عن الجماعة وفُقِد عرف الناس أنه كان مريضًا مثلًا، أو ماذا حصل له، فيسألون عنه.
فالمهم هذه عشر فوائد، وحكم من مشروعية صلاة الجماعة مع ما فيها من الأصل الأصيل، وهو التعبد لله تعالى بهذا الاجتماع؛ يعني إذا كان الناس يجتمعون على ملاعب الكرة آلافًا مؤلَّفة؛ فهم يجتمعون على لغو ولهو، لا فائدة فيه إلا فائدة قليلة للاعبين فقط، أما المشاهدون فليس لهم فائدة إطلاقًا.
أقول: إذا كانوا يجتمعون على هذا، فاجتماعهم على هذه الصلاة التي هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين عبادة عظيمة لله عز وجل، فيؤدّون بذلك هذه العبادة العظيمة، خَلِّ هذه الحادي عشر.