للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن على كل حال الصحيح أنها تجب للمقضِيَّة؛ لعموم الأدلة؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لما نام عن صلاة الفجر هو وأصحابه في سفر كما في حديث أبي قتادة أمر بلالًا فأذَّن، ثم صلَّى سُنَّة الفجر، ثم صلَّى الفجر كما يصليها في العادة جماعةً، ويجهر بالقراءة (٢٧).

فإذا نام قوم في السفر، ولم يستيقظوا إلا بعد طلوع الشمس، قلنا لهم: افعلوا كما تفعلون في العادة تمامًا، أذِّنوا، وقولوا: الصلاة خير من النوم، وصلُّوا سُنّة الفجر، وأقيموا الصلاة، واجهروا فيها بالقراءة كالعادة.

وقول المؤلف: (تلزم الرجال للصلوات الخمس) ظاهر كلام المؤلف أنها تلزمهم وجوب عين؛ يعني أنها فرض على الأعيان، وهذا القول هو الصحيح؛ أنها فرض على الأعيان، على كل واحد، ومقابل هذا القول أنها فرض كفاية؛ إذا قام بها من يكفي سقطت عن الباقين، وقول آخر: أنها سُنَّة، وليست بواجبة، وكلا القولين ضعيف، أما القول بأنها سُنَّة فقد سبق لنا الأدلة الدالة على وجوب صلاة الجماعة، ولا أعلم للذين قالوا بأنها سُنَّة إلا أنهم استدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم: «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» (٢٨).

فقال: «أَفْضَلُ»، والأفضل ليس بواجب. ولكن هذا الاستدلال ضعيف جدًّا؛ لأن المراد هنا: بيان ثواب صلاة الجماعة، لا حكم صلاة الجماعة؛ ولهذا قال: «أَفْضَلُ .. بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً»، أما لو قال: أفضل فقط، لو قال: صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ؛ لكان الاستدلال قد يكون له وجه، لكن أما لما قال: أفضل بسبع؛ فعُلم بهذا أنه يريد بيان أن أجرها أفضل وأكثر.

ونقول لهم أيضًا: هل تقولون: إن الإيمان بالله واجب.

طالب: لا شك أنهم يقولون: واجب.

<<  <  ج: ص:  >  >>