للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها -أي من النوافل-: ما تُشرع له الجماعة، كالاستسقاء، والكسوف، إذا قلنا: بأن الكسوف سُنَّة، وقيام الليل في رمضان، فهذا ظاهر.

ومنها -أي من النوافل-: ما لا تسن له الجماعة؛ كالرواتب التابعة للمكتوبات، وكصلاة الليل في غير رمضان، فهذا لا تُشرع له الجماعة، لكن لا بأس أن يُصلِّيه جماعة أحيانًا.

ودليل ذلك: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي أحيانًا جماعة في صلاة الليل، كما صلى معه ابن عباس، وصلَّى معه حذيفة بن اليمان، وصلَّى معه عبد الله بن مسعود، وأحيانًا يصلي حتى غير صلاة الليل جماعة، كما صلَّى بأنس، وأم سليم، ويتيم مع أنس، وكما صلى جماعة في عتبان بن مالك رضي الله عنه في بيته؛ حين طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتي إليه ليصلي في مكان يتخذه عتبان مُصلّى، ففعل النبي عليه الصلاة والسلام.

المهم صلاة النافلة، الآن فهمنا أنها تنقسم إلى قسمين:

قسم يُشرع له الجماعة، مثل: الكسوف، والاستسقاء، وقيام رمضان.

وقسم لا يشرع له الجماعة، لكن لا بأس من فعله أحيانًا؛ كالرواتب، وصلاة الليل في غير رمضان، وبقية النوافل.

قوله: (للصلوات الخمس) ظاهره: أنه لا فرق بين أن تكون مؤداة أو مقضيَّة.

المؤداة: ما فُعل في وقته، والْمَقْضِي: ما فُعل بعد وقته، فلو كان جماعة في سفر ناموا في آخر الليل، ولم يستيقظوا إلا بعد طلوع الشمس، فالصلاة في حقهم قضاء؛ لأنها بعد الوقت، فظاهر كلام المؤلف أن الصلاة جماعة تجب عليهم.

وهذا الظاهر هو الصحيح؛ أنها تجب للصلوات الخمس ولو مقضية، على أن الإنسان الذي يؤخّر الصلاة عن وقتها لعُذر شرعي لا تكون الصلاة في حقه قضاءً، بل هي أداء على القول الصحيح؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ»، وتلا قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} (٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>