للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودفعوا الدليل، بل دفعوا الاستدلال بأن هذا فعل مجرد، والفعل المجرد لا يدل على الوجوب، هذه القاعدة الأصولية أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم المجرد لا يدل على الوجوب؛ لأنه لو كان للوجوب لقال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس: لا تعد لمثل هذا كما قال ذلك لأبي بكرة حين ركع قبل أن يدخل في الصف.

وهذا القول -كما ترون- قول جيد جدًّا؛ لأن القول بتأثيم الإنسان أو ببطلان صلاته بدون دليل تطمئن إليه النفس فيه نظر، فإن إبطال العبادة بدون نص كتصحيحها بدون نص، فهذا الرجل دخل في الجماعة وصلى، لكنه في مكان مفضول، فكيف نقول: إن صلاته تبطل، وأنه قد أتى إثمًا إلا بدليل واضح من الشرع، فهذا القول أرجح من القول ببطلان صلاته عن يساره مع خلو يمينه.

(ولا الفذ خلفه أو خلف الصف إلا أن يكون امرأة) يعني ولا تصح صلاة الفذ خلفه؛ يعني خلف الإمام، وهذا معلوم أنه ليس مع الإمام إلا مأموم واحد؛ يعني إذا كان إمام ومأموم فصلى المأموم خلف الإمام فإن صلاة المأموم لا تصح.

والإمام؟

الطلبة: فيه تفصيل.

الشيخ: فيه تفصيل؛ إن بقي على نية الإمامة؟

الطلبة: لم تصح صلاته.

الشيخ: لم تصح صلاته؛ لأنه نوى الإمامة وليس معه أحد، وإن انفرد فصلاته صحيحة، أما المأموم فلا تصح صلاته، إذن أين يقف؟

الطلبة: عن اليمين.

الشيخ: عن يمينه إما وجوبًا، وإما استحبابًا، على الخلاف الذي سمعتم، كذلك الفذ خلف الصف لا تصح؛ لأنه منفرد، وقد جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لَا صَلَاةَ لِمُنْفَرِدٍ خَلْفَ الصَّفِّ» (٨)، وقال: وَرَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وحده خلف الصف، فأمره أن يعيد الصلاة (٩)، ولولا أنها فاسدة ما أمره بالإعادة؛ لأن الإعادة إلزام وتكليف في أمر قد فُعِل وانتُهي منه، فلولا أن الأمر الذي فُعل وانتُهي منه فاسد ما كُلِّف الإنسان بإعادته؛ لأن هذا يستلزم أن تجب عليه العبادة، كم؟

الطلبة: مرتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>