يقول العلماء: إن الإشارة هنا إلى ما قام في ذهنه وتصوره من هذا الكتاب الذي يريد تأليفه، فالإشارة ليست إلى شيء محسوس معلوم بين يديه، ولكنها إلى شيء متصور متخيل في الذهن.
طالب:( ... )؟
الشيخ: بعض المؤلفين يؤلف أولًا، ثم يشوف مضمون الكتاب وأبوابه، وما أشبه ذلك، ثم يجيب الخطبة.
قال:(وهو حسبنا، ونعم الوكيل)(وهو) أي: الله عز وجل، (حسب) بمعنى (كافٍ)، كل من توكل على الله فإن الله حسبه، كما قال تعالى:{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}[الطلاق: ٣] أي: كافيه، ومن لا يتوكل على الله فليس الله حسبه؛ لأنه -كما تقدم لنا مرارًا- الجملة الشرطية تقتضي بمنطوقها حصول الجواب بحصول الشرط، وتقتضي بمفهومها تخلُّف الجواب بتخلُّف الشرط، فمن يتوكل على الله فهو حسبه، ومن لا يتوكل على الله فليس حسبه، يُوكَل إلى نفسه، وإذا وُكِل إلى نفسه فهو قد وُكِلَ إلى ضعف.
وقوله:(ونعم الوكيل)(الوكيل) هنا فاعل، ويقول النحويون: إن (نِعْمَ) تحتاج إلى فاعل ومخصوص، أين المخصوص؟ محذوف أو مستتر، إن قلنا: محذوف، صار التقدير: ونعم الوكيل الله، وتكون جملة مستقلة عما قبلها، وإن قلنا: إنه مستتر يعود على قوله: (إلا بالله) وهو أي: الله حسبنا ونِعْمَ هو، صح أيضًا، يجوز هذا وهذا.