للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما اشتُرطت الموالاة، يمكن أن نأخذها من الآية الكريمة؛ لأن جواب الشرط يكون متتابعًا لا يتأخر: إذا قمتم فاغسلوا وجوهكم، إذا قمتم فاغسلوا أيديكم، إذا قمتم فامسحوا برؤوسكم، إذا قمتم فاغسلوا أرجلكم، فتكون متوالية، ضرورة أن المشروط يلي الشرط، هذا واحد.

دليل آخر: أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم توضَّأ متواليًا، ما كان يفصل بين أعضاء وُضُوئه.

ثالثًا: أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم رأى رجلًا قد توضَّأ، وفي قدمه مثل الظُّفُر لم يصبْه الماء، فأمره أن يُعيد الوُضُوءَ.

هكذا رواية أحمد (١٦) ولكن رواية مسلم (١٧) قال له: «ارْجِع فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ».

والفرق بين اللفظين إذا لم نحمل أحدُهما على الآخر أنَّ الأمر بإحسان الوُضُوء، معناه الأمر بإتمام ما نقص منه، وهذا يقتضي أن يغسل ما تَرَك فقط دون ما سَبَق، ويمكن أن تُحمل رواية: «أَحْسِنْ وُضُوءَكَ»؛ يعني ائتِ به حسنًا؛ وذلك بإعادته، فتُحمل رواية مسلم على رواية الإمام أحمد؛ لأن رواية الإمام أحمد سندُها جيد، جوَّده الإمام أحمد نفسه، وكذلك ابن كثير قال: (إنه حديث جيد صحيح)، فصحّحه.

والحاصل أن هذا دليل من الكتاب والسنة، دليل من النَّظر: أنَّ الوُضُوء عبادةٌ واحدةٌ، فإذا فُرِّق بين أجزاء هذه العبادة صارت متجزئة، ما هي عبادة واحدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>