العبادة الواحدة لا بد أن تكون كتلة واحدة لا تتفرق أجزاؤها، فهذه ثلاثة أدلة من القرآن والسنة والنظر تدل على وجوب الموالاة، وأنه لا بد من الموالاة، وهناك قول ثانٍ في المسألة لأهل العلم أن الموالاة ليست بشرط، وإنما هي سُنَّة؛ لأن الله أمر بغسل هذه الأعضاء، وهو حاصل بالتوالي والتفريق، فإذا كان حاصلًا بالتوالي والتفريق، صار التوالي سُنَّةً وليس بواجب، ولكن الأولى القول بأن الموالاة شرط؛ لأنها كما قلنا: عبادة واحدة لا يمكن أن تُجزَّأ، لكن ما معنى الموالاة؟ فسَّرها المؤلف قال:(وهي ألا يؤخِّر غسل عضو حتى ينشف الذي قبله) بشرط أن يكون ذلك في زمن معتدل خالٍ من الريح، الهواء.
فالموالاة ألا يؤخِّر غسل عضو حتى ينشف الذي قبله، الذي قبله يليه ما هو الذي قبله كله لو فُرض
أنه تأخَّر في غسل اليدين، فغسل اليدين قبل أن ينشف الوجه، ثم تأخَّر في مسح الرأس، فمسحه قبل أن تنشف اليدان، لكن بعد أن نشف الوجه يُجزئ ولَّا لا؟
طلبة: يُجزئ.
الشيخ: يُجزئ؛ لأن المراد بقوله:(الذي قبله)؛ يعني على الوِلا، ما هو كل الأعضاء السابقة، وقلنا: في زمن معتدل احترازًا من الزَّمن غير المعتدِل، فزمن الشِّتاء والرُّطوبة يتأخَّر فيه النَّشَاف أو لا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: لو كان هناك ضباب النَّشاف يتأخَّر كثيرًا، وإذا كان في زمن حار فإنه يكون سريع النَّشاف، وكذلك لو كان في ريح شديدة فإن النشاف يكون أسرع، وعلى هذا فالعبرة بالزمن المعتدل الخالي من الريح.
وقال بعض العُلماء -وهو رواية عن أحمد-: إن العبرة ليست بنَشَاف الأعضاء، ولكن بطول الفصل عُرفًا، فإذا طال الفصل عُرفًا؛ فإن الموالاة تفوت، فلا بد من أن يكون الوضوء متقاربًا عُرفًا.