وذهبت الظاهرية إلى وجوب صلاة الجمعة على العبد وقالوا: إن العبد داخل في عموم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}[الجمعة: ٩]. والحديث الوارد في استثناء العبد ضعيف، هكذا عندهم، وذهب إلى هذا شيخنا عبد الرحمن بن سعدي -رحمه الله- وقال: إن العبد تلزمه الجمعة كالحر، ولا فرق.
وذهب قوم إلى التفصيل في هذا؛ وهو أنه إن أذن له سيده لزمته الجمعة؛ لزوال العلة التي هي سببُ منع الوجوب، وهي اشتغاله بخدمة سيده. فإذا أذن له فقد زالت العلة، وإن لم يأذن فلا تجب عليه فلا يأثم، وهذا القول وسطٌ بين قولين، ووجهه قوي جدًّا، ويمكن أن يحمل الحديث عليه، فيقال: عبد مملوك: ليس على إطلاقه، بل العبد المملوك الذي يُشغل بمالكه، وربما يكون قوله:(مملوك) إشارة إلى العلة، وهي أنه ملك سيده يتصرف فيه فيشغله.
مكلف بالغ عاقل، وضده؟
طالب: الصغير والمجنون.
الشيخ: نعم، ضده الصغير والمجنون، فلا جمعة عليهما؛ لأن جميع العبادات لا تجب عليهما؛ لحديث:«رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ؛ عَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَبْلُغَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ»(٧).
لكن الصغير تصح منه الجمعة، والمجنون لا تصح منه الجمعة، يعني لو صلى الصغير الجمعة صحت، والمجنون لا، لماذا؟ لأن المجنون لا عقل له، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»(١٨)، ومَن لا عقل له؟
طلبة: لا نية له.
الشيخ: لا نية له، بخلاف الصبي المميز الصغير فإنه له نية، فتصح منه جمعة.