للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل أقول: إن الكافر معاقبٌ على أكله وشربه ولباسه، معاقب، لكنه ليس حرامًا عليه بحيث يمنع منه، إنما هو معاقب عليه، ودليل ذلك قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: ٩٣]، فقوله: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} دليل على أن غيرهم عليه جناح فيما طعم.

والطعام يشمل الأكل والشرب؛ لقوله تعالى: {فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} [البقرة: ٢٤٩].

اللباس قال الله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الأعراف: ٣٢].

فقوله: {لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} يفهم منها أنها ليست للذين كفروا، وقوله: {خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} يفهم منه أنها لغير المؤمنين ليست خالصة لهم، بل يعاقبون عليها.

والمعنى يقتضي ما دلت عليه النصوص، من معاقبة الكافر على الأكل والشرب واللباس والنعمة والصحة وكل شيء، وذلك لأن العقل يقتضي طاعة من أحسن إليك، وأنك إذا بارزته بمعصية وهو يحسن إليك، فإن هذا خلاف الأدب والمروءة، وبه تَسْتَحِق العقوبة، فصارت النصوص مؤيدة لما يقتضيه العقل.

(مسلم مستوطن ببناء اسمه واحد) مستوطن، وضده المسافر والمقيم.

المسافر ظاهر أنه لا جمعة عليه، ودليل هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم في أسفاره لا يصلي الجمعة، مع أن معه الجمع الغفير ولا يصلي بهم الجمعة، وإنما يصلي ظهرًا مقصورة وعصرًا، أحيانًا يجمع وأحيانًا لا يجمع.

فإذا قال قائل: ألَا يمكن أن يكون جمعه وقصره في غير يوم الجمعة، وأنه يقيم صلاة الجمعة في السفر؟

<<  <  ج: ص:  >  >>