فالجواب على هذا من وجهين: الوجه الأول: أن لدينا نصًّا ظاهرًا جدًّا في أنه لا يصلي الجمعة في سفره، وذلك في يوم عرفة، فإن يوم عرفة كان يوم الجمعة في حجة الوداع، وفي صحيح مسلم من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم: لما وصل بطن عُرَنَة نزل فخطب الناس، ثم بعد الخطبة أذَّن بلال ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر (٢٠) هكذا جاء الحديث.
وهذه الصفة تخالف أيش؟ صلاة الجمعة؛ لأن صلاة الجمعة الخطبة فيها تكون بعد الأذان، وهنا الخطبة قبل الأذان.
صلاة الجمعة خطبتان، يتقدمها خطبتان، وحديث جابر ليس فيه إلا خطبة واحدة.
صلاة الجمعة يجهر فيها بالقراءة، وحديث جابر يدل على أنه لم يجهر لأنه قال: صلى الظهر ثم أقام فصلى العصر.
صلاة الجمعة تسمى صلاةَ الجمعة، وفي حديث جابر قال: صلى الظهر.
صلاة الجمعة لا تجمع إليها العصر، وحديث جابر يقول: صلى الظهر ثم أقام فصلى العصر، وهذا نص صريح واضح في هذا الجمع الكثير الذي سيتفرق فيه المسلمون إلى بلادهم، فيقولون: صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة ظهرًا، يدل دلالة قطعية على أن المسافر؟
طلبة: ليس عليه جمعة.
الشيخ: لا يصلي الجمعة.
الوجه الثاني أن نقول: لو كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة في أسفاره لكان ذلك مما تتوافر الدواعي على نقله، ولنُقِل إلينا.
ولهذا كان من أضعف الأقوال قول الظاهرية في هذا الباب أن المسافر تلزمه الجمعة، واستدلوا بالعمومات الدالة على وجوب صلاة الجمعة.
إذن نقول: المسافر لا جمعة عليه، المقيم أيضًا لا جمعة عليه، لكن إن أقامها مستوطنون في البلد لزمته بغيره، لا بنفسه.
وبناء على هذا ينقسم الناس إلى ثلاثة أقسام: مستوطن، ومسافر، ومقيم بينهما، لا مسافر ولا مستوطن.