للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمّا القول بأنه يُسَنُّ النُّطُق بها جهرًا؛ فهذا أضعف وأضعف، وفيه أيضًا من التشويش على النَّاس لا سيما في الصَّلاة مع الجماعة ما هو ظاهر، ويُذكر أن بعض العامة سَمِع شخصًا يُصلي في المسجد الحرام مأمومًا، وعندما أراد أن يُكبِّر، قال: اللهم إني نويت أن أصلي الظهر أربع ركعات خلف إمام المسجد الحرام، لما بغى يكبِّر، قال: اصبر، ويش عندك؟ قال: اذكر اليوم تاريخ اليوم، والمكان ( ... ) تاريخ اليوم، في اليوم الفلاني، يوم الأربعاء مثلًا، الموافق كذا وكذا من الشهر، فالرجل انتبه لأنه ما حاجة أنك تبين لله عز وجل ماذا نويت؛ لأن الله يعلم ما في قلبك.

ثم إن النية ليست بالأمر الصعب، وإن كانت عند بعض أهل الوسواس صعبة، لكنها في الحقيقة ليست صعبة؛ لأن كل إنسان عاقل مختار يعمل عملًا فلا بد أن يكون ذلك مسبوقًا بالنيَّة.

رجل قرَّب الماء، وقال: بسم الله، وغسل كفَّيه، وتمضمض واستنشق إلى آخره، هل يُعقل أنه فعل ذلك بدون نيَّة، وهو عاقل مختار؟ لا يمكن، ولهذا قال بعض العلماء: لو أنَّ الله كلَّفنا عملًا بلا نيَّة؛ لكان من تكليف ما لا يُطاق.

لو قال الله لنا: توضؤوا ولا تنووا، صلُّوا ولا تنووا، يمكن هذا، ولا ما يمكن؟

لا يمكن أبدًا، فالنية ليست بالأمر الصعب، وما يَرد على قلوب بعض الناس من صعوبتها فهذا من الوساوس فأنت عندما تحضر ما حاجة إلى تعب، حتى إن شيخ الإسلام رحمه الله قال في نية الصوم: إذا تعشَّى الإنسان ليالي رمضان فإن عشاءه يدلُّ على نيَّته، لو ما نوى الصوم من الغد.

السبب أن اللي اتعشَّى في رمضان يُلاحِظ أنه سوف يتسحّر في آخر الليل فلا يُكثِر العشاء كما يُكثره إذا كان في غير الصوم.

قال: (والنية شرط لطهارة الأحداث كلِّها) أفادنا المؤلف رحمه الله (لطهارة الأحداث)، وهي جمع (حدث)، والحَدَثُ: معنًى يقوم بالبَدَن يمنع من الصَّلاة ونحوها، هذا الحدث.

<<  <  ج: ص:  >  >>