للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الآخرون: لا يشترط أن يخطب بالعربية، بل يجب أن يخطب بلغة القوم الذين يخطب فيهم، وهذا القول هو الصحيح؛ لقوله تعالى: {ومَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ} [إبراهيم: ٤]، ولا يمكن أن ينصرف الناس عن موعظة وهم لا يعرفون ماذا قال الخطبيب، والخطبتان ليستا مما يُتعبد بألفاظهما حتى نقول: لا بد أن يكون باللغة العربية، أما إذا مر بالآية فلا بد أن تكون؟

طلبة: باللغة العربية.

الشيخ: بالعربية، كذا؟

لأن القرآن لا يجوز أن يُغَيَّر، لا بد أن يكون باللغة العربية.

قال المؤلف -رحمه الله: (ومن سننهما) أي: الخطبتين، (أن يخطب على منبر) (منبر): وزن مِفْعَل، من النبر، وهو الارتفاع؛ أي: على شيء مرتفع، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب في أول الأمر على جذع نخلة في مسجده، ثم صنع له منبر من خشب الغابة -الأثل- وصار يخطب عليه، ولما خطب عليه أول جمعة صاح جذع النخلة كما تصيح الإبل العشار، حتى نزل النبي صلى الله عليه وسلم وسكَّته فسكت، والناس يسمعون هذا ثم صار يخطب على المنبر (٦).

وإنما كان ذلك سنةً اقتضاءً بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ ولأن ذلك أبلغ في إيصال الخطبة إلى الناس؛ لأنه إذا كان مرتفعًا سمعه الناس أكثر، وكذلك إذا كان مرتفعًا رآه الناس بأعينهم، ولا شك أن تأثر السامع إذا رأى المتكلم أكثر من تأثره وهو لا يراه، وهذا أمر مشاهد، ولهذا كان من هدي الصحابة على ما ذُكِر أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب استقبلوه بوجوههم (٧) ليكون ذلك أبلغ في حضور القلب والانتفاع بالخطبة.

هذا المنبر، قال العلماء: ينبغي أن يكون على يمين مستقبل القبلة في المحراب، كما هو المعمول به الآن، يجعلونه على اليمين؛ من أجل أن الإمام إذا نزل منه ينفتل عن ..

طلبة: يمينه.

طلبة آخرون: يساره.

الشيخ: ما هذا، هذا ما فيه يا جماعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>