للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ويجلس بين الخطبتين) نعم؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يجلس بين الخطبتين (١٠)، ولأنه لو لم يجلس لم يتبين التمييز بينهما؛ إذ قد يظن الظان أنه سكت لعذر منعه من الكلام، لكن إذا جلس تميزت الخطبة الأولى من الثانية، فهذا دليل وتعليل.

الدليل ما هو؟ فعل النبي صلى الله عليه وسلم.

والتعليل؟ التمييز بين الخطبة الأولى والثانية، وذلك لأنه لو لم يجلس فإنه وإن وقف عن الكلام قد يظن الظانّ أنه وقف لعذر.

(ويخطبُ قائمًا) يعني: يسن أن يخطب قائمًا؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولأن ذلك أبلغ بالنسبة للمتكلم؛ لأن القائم يكون عنده من الحماس أكثر من الجالس؛ ولأنه أبلغ أيضًا في إيصال الكلام إلى الحاضرين، لا سيما في الزمن السابق ليس فيه مكبر صوت، فلذلك نقول: يسن في الخطبتين أن يكون قائمًا للدليل والتعليل؛ أما الدليل؛ ففعل النبي صلى الله عليه وسلم، وأما التعليل؛ فما سمعتم أنه أبلغ، لا بالنسبة للخطيب؛ لأنه يتحمس أكثر إذا كان قائمًا، وأبلغ أيضًا في إسماع الحاضرين.

قال: (ويَعْتَمد على سيف أو قوس أو عصا) يعني يُسَنّ أن يعتمد على سيف أو قوس أو عصا، واستدلوا بحديث يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحته نظر، ثم إنه على تقدير صحته قال ابن القيم: إنه لم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد اتخاذ المنبر أنه اعتمد على شيء، ووجه ذلك: أن الاعتماد إنما يكون عند الحاجة، فإن احتاج الخطيب إلى اعتماد مثل أن يكون ضعيفًا يحتاج أن يعتمد على عصا، فهذا سنة؛ لأن ذلك يعينه على القيام الذي هو سنة وما أعان على السنة فهو سنة، أمّا إذا لم يكن هناك حاجة فلا حاجة إلى حمل العصا.

<<  <  ج: ص:  >  >>