للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إن تعليلهم بأنه إشارة إلى أن هذا الدين فتح بالسيف، هذا فيه نظر أيضًا، الدين لم يفتح بالسيف؛ لأن السيف لا يستعمل في الدين إلا عند المنابذة، إذا أبى الكفار أن يسلموا أو يبذلوا الجزية فإنهم يقاتلون، أما إذا بذلوا الجزية فإنهم يتركون، هذا هو القول الذي تدل عليه الأدلة.

ثم إن الإسلام -في الحقيقة-لم يفتح المسلمون البلدان إلا بعد أن فتحوا القلوب، فتحوا القلوب أولًا بماذا؟ بالدعوة إلى الإسلام وبيان محاسن الإسلام، بيان محاسن الإسلام بالقول وبالفعل، وليس كزماننا اليوم نبين محاسن الإسلام بالقول، هذا إن بيناها فإنها تبين بالقول، أما بالفعل فنسأل الله أن يوفق المسلمين للقيام بالإسلام.

الفعل؛ إذا رأى الإنسان الأجنبي من البلاد الإسلامية، إذا رأى ما عليه المسلمون من الأخلاق التي لا تمت إلى الإسلام بصلة فإنه يقول: أين الإسلام؟ !

لأنه مع الأسف أن المسلمين اليوم فيهم الكذب، فيهم الغش، فيهم الظلم والجور، وكل هذه تنافي الدين الإسلامي.

فالإسلام في الحقيقة إنما فتحت البلاد به لا بالسيف، السيف يُستعمل متى؟

عند الضرورة إليه، إذا لم يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، فحينئذ نستعمل السيف، وأيضًا لا نستعمل السيف يا إخواننا إلا بعد الكثرة، أما أن نستعمل السيف وأعداؤنا أكثر منا بكثير وأقوى منا فهذا يعتبر تهورًا، هذا من التهور، ولهذا أباح الله لنا أن لا نقابل أكثر من مثلينا.

ماذا قال الله عز وجل؟ {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: ٦٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>