للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأقول: إن التعليل بأن الدين فَتَح بالسيف فيه نظر جدًّا، وفيه أيضًا استغلال للكفار حيث يقولون: إنكم أنتم أيها المسلمون فتحتم بلادنا في الأول بالقوة والسيف، ما فتحتموها بالدعوة، بل بالقوة.

يقول: (وأن يقصد تلقاء وجهه)، (يقصد) يعني: يستقبل، (تلقاء وجهه): ما يتجه لليمين أو لليسار، بل يكون أمام الناس؛ لأنه إن اتجه إلى اليمين أضر بأهل اليسار، وإن اتجه إلى اليسار أضر بأهل اليمين، وإن اتجه تلقاء وجهه.

طالب: ( ... ).

الشيخ: لا، لم يضر بأحد، هذا هو طبيعته، والناس هم الذين ينصرفون إليه، فإن قال قائل: هل من السنة أن يلتفت يمينًا وشمالًا؟

نعم، الظاهر أن هذا ليس من السنة، وأن الخطيب يقصد تلقاء وجهه، ومن أراده التفت إليه.

وهل من السنة أن يحرك يديه عند الانفعال؟

طلبة: لا.

طلبة آخرون: بإصبعه.

الشيخ: الإصبع يشير به عند الدعاء.

لا، إنما يقول: يا أيها الناس اتقوا الله، خافوا الله، إن كان عندهم عصا ضرب بها، هل هذا من السنة؟

طلبة: لا.

الشيخ: ليس من السنة، وإن كان بعض الخطباء بلغني أنهم يفعلونه، لكنه ليس من السنة، أما الخطبة التي غير خطبة الجمعة، فهذا قد نقول: إنه من المستحسن أن الإنسان يتحرك بحركات تناسب الجُمَل التي يتكلم فيها، أما خطبة الجمعة فإن المغلّب فيها التعبد، ولهذا أنكر الصحابة رضي الله عنهم على مروان بن الحكم حين رفع يديه في الدعاء، مع أن الأصل في الدعاء رفع اليدين، لكن أنكروا عليه؛ لأن خطبة الجمعة يغلب فيها جانب التعبد، فلا يشرع فيها إلا ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فقط.

(ويقصد تلقاء وجهه، ويقصر الخطبة) (يقصر الخطبة) يعني: يجعلها قصيرة، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ طُولَ صَلَاةِ الرَّجُلِ وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ» (١١).

فالأولى أن يقصر الخطبة؛ لأن في تقصير الخطبة فائدتين:

<<  <  ج: ص:  >  >>