يعني الحاجة أنك تحتاج للشيء لكن لو فات ما يضرك، والضرورة هي التي لو فات لضرك، هذا هو الفرق بين الحاجة والضرورة.
ولهذا نقول: المُحَرَّم لا تبيحه إلا الضرورة، قال الله تعالى:{فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[المائدة: ٣].
والمكروه أخف تبيحه الحاجة.
ما هي الحاجة؟
لم يبين المؤلف -رحمه الله- الحاجة، ولكن تعرف مثلًا إذا ضاق المسجد عن أهله ولم يمكن توسيعه، هذه حاجة؛ لأن الناس لا يمكن أن يصلوا في الشمس في أيام الصيف، ولا في المطر في أيام الشتاء، فإذا كان الناس كثيرين والمسجد ضيقًا فهذا حاجة.
ثانيًا: إذا تباعدت أقطار البلد، وصار الناس يشق عليهم الحضور، فهذا أيضًا حاجة لا شك.
ولكن في عصرنا الآن، هل هناك حاجة؟
طالب: لا.
الشيخ: نعم، ليس هناك حاجة من جهة البعد، لكن هناك حاجة من جهة الضيق؛ لأن الذين يأتون بالسيارة من أماكن بعيدة يحتاجون إلى مواقف، وقد لا يوجد مواقف، قد يبقى الإنسان يدور والإمام يخطب ويصلي وهو يدور، لم يجد مكانًا يقف فيه، فهذه حاجة.
لكن إذا كان هناك مواقف، أو كانت السيارات قليلة فإنه يجب على الإنسان أن يحضر ولو بعيدًا، ويقال للقريبين: لا تأتوا بالسيارات، ينبه على القريبين أنهم لا يأتون بالسيارات؛ لأجل أن يفسحوا المجال لمن كانوا بعيدين.
ومن الحاجة أيضًا: أن يكون بين أطراف البلد حزازات وعداوات يخشى إذا اجتمعوا في مكان واحد أن تثور فتنة، فهنا لا بأس بأن تتعدد الجمع، لكن هذا مشروط بما إذا تعذر الإصلاح، أما إذا أمكن الإصلاح وجب الإصلاح وتوحيدهم على إمام واحد، لكن لو تعذر فحينئذ لا يمكن أن نجمعهم في مكان واحد تثور الفتنة فيما بينهم، فإذا كان يمكن الإصلاح وجب، إذن هذا -أعني خوف الفتنة- إنما يكون عند تعذر الإصلاح.
أما إذا أمكن الإصلاح فهذا هو الواجب، هل من الحاجة أن يكون الإمام مُسبلًا؟