إذا جاء الوفد لبس أحسن ثيابه؛ ليظهر أمام الوفد بالمظهر اللائق، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام محذرًا من الكِبر:«لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ». قالوا: يا رسول الله، الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنًا؟ فقال:«إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ»(٢٠)، يعني يحب التجمل، وليس الجمال الطبيعي الخِلقي، ولكنه يحب التجمل؛ لأن الرسول بنى هذا الكلام على قولهم: يحب أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنًا؛ ولأن هذا هو الذي يستطيعه الإنسان، فيُثاب عليه إذا فعله، أما الجمال الخِلقي فهذا ليس باختيار الإنسان.
المهم «إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ»، دل ذلك على أنه ينبغي للإنسان أيضًا أن يُحسِّن ثيابه ويُحسِّن نعله، لكن بشرط ألا يؤدي ذلك به إلى الإسراف والفخر والخيلاء؛ ولهذا وردت أحاديث تدل على فضل التواضع في اللباس.
وهذا في مكانه، يعني لو كان الإنسان يأتي إلى قوم فقراء، ويخشى إذا جاء بلباسه الزاهي عليهم أن تنكسر قلوبهم، فهنا الأفضل أن يلبس ما يناسب الحال، ويكون مأجورًا على ذلك.
(أفضلها البياض)، لا شك أن أفضل الثياب للرجال البياض، ولكن أحيانًا لا يجد الإنسان البياض مناسبًا للوقت، مثل أيام الشتاء فإنه يندر أن تجد ثيابًا بيضاء تناسب الوقت، فهنا نقول: ارفق بنفسك، ويجوز أن تلبس ثيابًا متعددة، ويكون الأعلى هو الأبيض.
وقوله:(ويعتم) يعني يلبس العمامة. وما هي العمامة؟ العمامة هي ما يُطوى على الرأس ويُكوَّر عليه؛ هذه العمامة، وعندنا -عند البادية- العمامة الشماغ والغترة تسمى عمامة؛ لأنها لباس الرأس، فالعرف، اللغة العرفية عندنا أوسع من اللغة العربية؛ لأنهم يرون أن ما غُطِّي به الرأس فهو عمامة، ولكنه ليس بصحيح، العمامة ما يدار على الرأس.