فقول المؤلف أنه يسن أن يعتم يحتاج إلى دليل، دليله فعل النبي عليه الصلاة والسلام، كان يلبس العمامة ويمسح عليها كما هو معروف (٢١)، ولكن هل لباسه إياها تعبدًا، أو لباسه إياها؛ لأنها عرف؟ الثاني هو الصحيح، أنه لا يلبسها صلى الله عليه وسلم تعبدًا بل اتباعًا للعرف، اتباع العرف في اللباس هو السنة ما لم يكن حرامًا؛ لأنا نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما لبس ما يلبسه الناس، والإنسان لو خالف ما يلبسه الناس لكان ثيابه شهرة.
أما قوله:(ويرتدي)، يعني يلبس الرداء، وظاهر كلام المؤلف: ولو كان عليه قميص، وهذا أيضًا فيه نظر، لكن بدل الرداء عندنا الْمِشلح، ولكن أكثر الناس اليوم لا يلبسون المشالح، لو لبس الإنسان المشلح أمام الناس قالوا: ويش هذا؟ نعم، هذا شيخ، هذا متزوج، هذا بدوي، يستنكرونه، بينما كان الناس بالأول يستنكرون من لا يلبس المشلح.
أنا أذكر ونحن صغار نطلب العلم، صغار مرَّة نلبس المشلح، ونفرح إذا لبسناه أيضًا، ليش؟ لأن الناس كانوا يعتادونه، أما الآن فأصبح ليس له أهمية.
قال المؤلف:(ويُبكِّر إليها) يعني يُسن أن يُبكِّر إلى الجمعة. ودليله حديث أبي هريرة رضي الله عنه:«مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الأُولَى فَكَأنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً»(٢٢). فهذا يدل على أن الأفضل التبكير، وينبغي بعد الاغتسال والتنظف والتطيب، ولبس أحسن الثياب.