للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول: (يجب عند أول واجبات الطهارة)، وكلمة (عند) تدل على القرب، كما في قوله تعالى: {إنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ} [الأعراف: ٢٠٦]، فالعنديَّة تدلُّ على القُرب، وعلى هذا فيجب أن تكون النيَّةُ مقترنةً بالفعل، أو متقدِّمةً عليه بزمنٍ يسير، وأما لو تقدمت بزمن كثير فإنها لا تجزئ.

الدليل على أنها لا بد أن تكون مقارنة أو مقاربة قوله: يعني من أين نأخذها من كلام المؤلف؟

من قوله: (عند).

وقوله: (عند أوَّل واجبات الطهارة)، ولم يقل: عند أوَّل فروض الطَّهارة؛ لأن الواجب مقدّم على الفروض في الطَّهارة؛ والواجب هو التَّسمية.

وقد سبق لنا أن المؤلف يقول: إن التسمية واجبة في الوضوء مع الذكر، وتسقط مع النسيان، وأنه لو ذكرها في أثناء الوضوء ابتدأ على المذهب، أو سمَّى وبنى على ما في الإقناع، وأن الصحابة اختلفوا في هذا، هل يُسمي ويبني، أو يُسمي ويستأنف، وسبق لنا أن القول الصحيح أن التسمية ليست بواجبة، وهو اختيار الموفق وجماعة من أصحابنا رحمهم الله؛ وذلك لأن الدليل الوارد فيها -كما قال الإمام أحمد- لا يثبت.

وإذا لم يَثبت فإن القول بإلزام الناس بها وإبطال الوضوء بتركها بناءً على دليل لم يَثبت، هذا لا يَنبغي؛ لأن الإنسان مسؤول أمام الله عز وجل في تكليف عباد الله سبحانه وتعالى أن يُكلفهم ما لم يقتضيه الشرع، لكن على المذهب هي واجبة مع الذكر، فإذا أراد أن يتوضأ فلا بد أن ينوي النية قبل التسمية؛ لأن التسمية واجبة.

قال: (وتُسَنُّ عند أوَّل مسنوناتها إنْ وُجِدَ قبل واجبٍ) ما هو أول مسنونات الطهارة؟

أوَّل مسنوناتِها غسل الكفين ثلاثًا قبل غسل ( ... )، كما سيأتي -إن شاء الله تعالى- في صفة الوضوء، فإذا غسل كَفَّيه ثلاثًا قبل أن يُسمِّيَ صار الإتيان بالنية حينئذٍ؟

طلبة: واجب.

الشيخ: واجبًا ولَّا سنة؟

طلبة: واجب.

<<  <  ج: ص:  >  >>