ومثال آخر: لو كان شخص في مفازة ومعه صاحب له، وأتاهما العدو وسلب ثيابهما ولم يبقَ إلا ثوب واحد، فهنا لا يجوز أن يؤثِر صاحبه به، لكن هذه المسألة ليست كالأولى لأنه من الممكن أن يصلي به أولًا ثم يعطيه صاحبه.
ولا تستغربوا هذه المسألة، يُحَدِّثُنا مَنْ تَقَدَّمونا سِنًّا لما كانت نجد في فتن أن قطاع الطريق يلاقون الناس في الطرقات ويأخذون أموالهم ويأخذون ثيابهم، حتى إنه هنا في حول بلدنا هذه أخذوا ثياب خمسة عشر رجلًا، أخذوها سلبوها مرة، فماذا صنعوا؟ قالوا: لا يمكن ندخل البلد ونحن عراة، فجلسوا حتى جاء الليل، فلما كان الليل أرسلوا واحدًا منهم وأتى لهم بثياب، هذا شيء ما هو غريب.
فمثلًا: لو أن شخصين في مفازة وليس معهما إلا ثوب واحد، هو لأحدهما ملكًا فإنه لا يُؤْثِر به صاحبه.
ولكني أقول: هنا يمكن أن يُصَلِّي به هو أولًا ثم أيش؟ ثم يعطيه صاحبه.
لكن مسألة الماء؛ الماء إذا استُعْمِل تلف، فهو المثال الصحيح.
الإيثار بالمستحب نقول: إنه مكروه أو خلاف الأولى، كالإيثار بالمكان الفاضل في الصف الأول مثلًا، فهذا قد نقول: إما مكروه، أو خلاف الأولى.
الإيثار بالمباح محمود؛ ولهذا مدح الله الأنصار رضي الله عنهم في قوله:{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}[الحشر: ٩].
طيب، يقول:(لا قَبوله)، ويش معنى (لا قبوله)؟ يعني: لا قبول الإيثار؛ فلو قلت لشخص: تقدَّم في مكاني في الصف الأول، فإنه لا يُكْرَه له أن يَقْبَل، لا بأس أن يقبل.
قال:(وليس لغير المؤثَر سبقه)، يعني: لو قلت لواحد: تفضَّل مكاني بالصف الأول وكان ثالث يراقبني، فأسرع وتقدم في مكاني، يجوز ولَّا لا؟
طالب:( ... ).
الشيخ: أنتم فاهمين الصورة زين؟
طلبة:( ... ).
الشيخ: طيب أنا مكاني في الصف الأول، فجاء رجل عزيز عليَّ فقلت: تقدم، تأخرت عنه، فيه واحد غير الذي أنا قلت له: تقدم رآني أقول لذاك: تقدم فتقدم هو وجلس، ماذا تقولون؟