قال:(وليس من شرطها إذن الإمام) يعني ليس من شرط إقامتها أن يأذن الإمام بذلك، بل إذا قحط المطر وأجدبت الأرض خرج الناس وصلوا، ولو صلى كل بلد وحده لم يخرجوا عن السنة، فليس من شرطها إذن الإمام، بل لو وجد السبب وقال الإمام: لا تصلوا، فإن في منعه إياهم نظرًا؛ لأنه وجد السبب، فلا ينبغي أن يمنعهم، ولكن حسب العرف عندنا: لا تُقام صلاة الاستسقاء إلا بإذن الإمام، اللهم إلا أن يكون قوم من البادية بعيدين عن المدن ولا يتقيدون، فهنا ربما يقيمونها وإن كان البلد لم يقيموها.
قال:(ويسن أن يقف في أول المطر وإخراج رحله وثيابه ليصيبها)(يسن أن يقف) السنة في اصطلاح الفقهاء هي ما يُثاب فاعله امتثالًا، ولا يُعاقب تاركه.
وقوله:(أن يقف) يعني أن يقف قائمًا.
(في أول المطر) يعني أول ما ينزل المطر، ويخرج رحله؛ أي: متاعه الذي في بيته أو في خيمته إن كان في البر، وكذلك ثيابه يخرجها؛ لأن هذا روي عن ابن عباس رضي الله عنهما.
والثابت من سنة النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا نزل المطر حسر ثوبه -حسره: يعني رفعه- حتى يصيب المطر بدنه، ويقول:«إِنَّهُ كَانَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِرَبِّهِ»(٢٠)، وهذه السنة ثابتة في الصحيح.
وعليه فيقوم الإنسان، ويُخرج شيئًا من بدنه، إما من ساقه، أو من ذراعه، أو من رأسه، حتى يصيبه المطر اتباعًا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله:«إِنَّهُ كَانَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِرَبِّهِ»؛ لأن الله خلقه الآن، فهو حديث عهد بخلق الله.
ولكن هل يقال: إن هذا التعليل يتعدى لغيره مما يحدثه الله عز وجل؟ أو نقول: إن هذا تعليل بعِلَّة قاصرة على معلولها؟
الجواب: الثاني، أن هذه العِلَّة قاصرة على معلولها؛ ولهذا لا يمكن نقول للإنسان: إنه ينبغي أن يصيب من بدنه ما ولد من حيوان أو نحوه مما هو حديث عهد بالله.