{وَاعْفُ عَنَّا} كذلك، من باب التخلية، {وَاغْفِرْ لَنَا} كذلك، {وَارْحَمْنَا} من باب التحلية، يعني من باب إيجاد الشيء، فهذه الدعوات كلها دعوات مفيدة مناسبة، لكن بشرط ألا يتخذها الإنسان على أنها سُنة.
ذكر الشرح مسألة مفيدة، قال:(يحرم أن يقول: مُطرِنا بنوء كذا، ويُباح في نَوْء كذا، وإضافة المطر إلى النوء دون الله كفر إجماعًا، قاله في المبدع).
يقول:(يحرم أن يقول: مُطرنا بنوء كذا) والنَّوْء: هو النجم؛ يعني مطرنا مثلًا بالنجم الفلاني، بنجم الشولة، بنجم النعائم، بنجم سعد الذابح، بنجم سعد البلع، سعد السعود، وما أشبه ذلك، يحرم أن يقول هذا.
ودليله ما رواه، ما ثبت في الصحيح من حديث زيد بن خالد الجهني، أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الحديبية على إثر سماء كانت من الليل -يعني مطر نزل في الليل- فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم من صلاة الصبح قال لهم:«هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ»؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال:«قَالَ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ»، كم قسمًا صاروا؟
طالب: قسمين.
الشيخ: قسمين؛ «مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ».
«فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا، فَهُوَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ»(٢٢). وهذا نص صريح في أن من قال: مُطرنا بنوء كذا فهو كافر، ولهذا حكى في المبدع إجماع أهل العلم على ذلك.
إذن قول الإنسان: مُطرنا بنوء كذا مُحرَّم، بل هو من كبائر الذنوب، وهل يكون كفرًا أكبر مخرجًا عن الملة؟
هو بحسب عقيدة القائل: إن كان يعتقد أن النوء هو الذي خلق هذا المطر فهو كافر كفرًا مخرجًا عن الملة؛ لأنه ادعى أن مع الله خالقًا.