أما الأثري فهو ما كان من فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم بأبي سلمة، فإنه لما دخل على أبي سلمة ورأى بصره قد شخص قال:«إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ اتَّبَعَهُ الْبَصَرُ»، فسمعه من في البيت فضجوا، يعني علموا أن الرجل قد مات فضجوا، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم:«لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ؛ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ»؛ لأنه من عادتهم في الجاهلية أنهم عند المصائب يدعون على أنفسهم بالشر، فيقولون: واثبوراه، وانقطاع ظهراه، وما أشبه ذلك من الكلمات المعروفة عندهم، فقال النبي عليه الصلاة والسلام لأهل أبي سلمة:«لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ؛ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ»، وإِنَّ دعاءً تؤمِّن عليه الملائكة لحريٌّ بالإجابة، لا سيما في هذه الحال التي يكون فيها الإنسان مصابًا خاضعًا خاشعًا مفتقرًا إلى ربه، عارفًا بأنه لا ينجيه من هذه المصيبة إلا الله، فيكون حريًّا بالإجابة، ولهذا سُخِّرت الملائكة لتؤمِّن على دعائه.