قال المؤلف رحمه الله:(ويوجّهه إلى القبلة) يعني: يوجه من حضر الميت إلى القبلة، يعني: يجعل وجهه نحو القبلة، وهذا يقتضي أن يكون على جنبه إما الأيمن وإما الأيسر، حسب ما هو متيسر؛ المهم أن يكون وجهه إلى القبلة؛ وذلك لأن المجلس الذي يستقبل فيه الإنسان القبلة هو أفضل المجالس، كما يروى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال:«خَيْرُ مَجَالِسِكُمْ مَا اسْتَقْبَلْتُمْ بِهِ الْقِبْلَةَ»(٣)، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الْبَيْتُ الْحَرَامُ قِبْلَتُكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا»(٤)، وهذا يشمل الميت المحتضر والميت بعد دفنه في القبر، وكلا الحديثين ضعيف، الأول «خَيْرُ مَجَالِسِكُمْ مَا اسْتَقْبَلْتُمْ بِهِ الْقِبْلَةَ»، والثاني أيضًا «الْكَعْبَةُ قِبْلَتُكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا»، لكن يشهد له ما أخرجه الحاكم والبيهقي عن أبي قتادة رضي الله عنه أن البراء بن معرور أوصى قبل موته أن يستقبل به القبلة، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال:«أَصَابَ الْفِطْرَةَ»(٥)، فهذا يشهد للأحاديث السابقة، وإلا فإن الذي يظهر من عمل النبي عليه الصلاة والسلام والصحابة أنهم لا يتقصدون أن يوجّه المحتضَر إلى القبلة.
ومن ذلك ما حصل للنبي صلّى الله عليه وسلّم عند موته، حيث مات في حجر عائشة رضي الله عنها (٦)، ولم يُذْكر أنها استقبلت به القبلة، إنما هذه الأحاديث وإن كانت ضعيفة ربما تصل إلى درجة ما من الحسن فتكون مقبولة.
يقول:(ويوجهه إلى القبلة، فإذا مات سنّ تغميضه) إذا مات يعني: إذا تحققنا موته، وقد مر علينا أن الإنسان إذا مات شخص بصره؛ انفتح يتبع روحه أين تذهب، إذا مات فإنه سوف يشخص بصره، فيسن تغميضه، ولذلك دليلان: أثري، ونظري: