للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: (وغيره) يعني: الوصية والإرث، فالتكفين مقدم على كل شيء.

وعموم قول المؤلف: (مقدمًا على دَين) يشمل ما إذا كان الدين فيه رهن أو لا، وعلى هذا فلو خلَّف الرجل شاة ليس له غيرها مرهونة هذه الشاة بدَين عليه، ولم نجد كفنًا إلا إذا بعنا هذه الشاة واشترينا بقيمتها كفنًا، فهل نقدم حق المرتهن ونقول: لا نبيع الشاة، أو نقدم الكفن؟ نقول: نقدم الكفن؛ لأن الكفن مما تتعلق به حاجة الشخص الخاصة، فيقدم على كل شيء.

إذن نأخذ من إطلاق المؤلف أو عموم كلامه: (مقدمًا على دَين) أنه يُقَدَّم التكفين على الدين، ولو كان الدَين برهنٍ فيباع الرهن ويُكَفَّن منه.

وقوله: (وغيره) ماذا ذكرنا في الغير؟ الوصية والإرث، فلو أوصى الميت بشاة للفقراء، ولما مات لم نجد ما نكفنه به إلا قيمة هذه الشاة فماذا نصنع؟ تباع الشاة ويكفن من قيمتها.

(فإن لم يكن له مال فعلى من تلزمه نفقته) يعني: إن لم نجد له مالًا فعلى من تلزمه نفقته.

إذا وجدنا ثوبًا قد لبسه الميت وغترة، فهل نكفنه به أو نقول: لا بد أن نكفنه باللفائف؟

نقول: إذا كان يقوم بالواجب فإننا لا نلزم الناس أن يكفنوه ما دام في ماله، ولو ثيابه التي عليه تكفي فإننا لا نلزم غيره بتكفينه.

(فإن لم يكن له مال فعلى من تلزمه نفقته) ومن الذي تلزمه النفقة؟ نحن نذكر هنا ما يسمى عند الناس بالخطوط العريضة؛ الأصول والفروع تجب نفقته بكل حال، فيجب عليك أن تنفق على والديك بكل حال، وعلى أولادك بكل حال، سواء كنت وارثًا أم لم تكن، وعلى هذا فتجب نفقة الجد على ابن ابنه، وإن لم يكن وارثًا لوجود الابن؛ يعني: وإن كان محجوبًا بالابن.

يعني: لو فرضنا أنا وجدنا جدًّا فقيرًا وأبًا فقيرًا وابنَ ابنٍ غنيًّا، يجب على ابن الابن أن ينفق على أبيه وعلى جده، مع أنه لا يرث جده؛ لكونه محجوبًا بأبيه، كذلك في الأصول يجب الإنفاق على الأصول، سواء ورثهم المنفق أم لم يرثهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>