للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: (لحينا وميتنا) أي: لحينا نحن المسلمين، وميتنا كذلك نحن المسلمين، وهذا عام، أليس كذلك؟ لأنه مفرد مضاف، والمفرد المضاف يعم؛ يشمل الذكر والأنثى، والصغير والكبير، والحر والعبد، والشاهد والغائب. وإنما قلت ذلك لتعتبروا فيما يأتي.

(وشاهدنا وغائبنا) هذا أيضًا عموم داخل في العموم الأول، والعموم الأول داخل فيه أيضًا؛ لأن (شاهدنا وغائبنا) يشمل الذكر والأنثى، والصغير والكبير، والحر والعبد، والحي والميت.

(وصغيرنا وكبيرنا) مثلها.

(وذكرنا وأُنثانا) مثلما سبق، كله عام.

فإذا قال قائل: لماذا؟ قلنا: لأن مقام الدعاء ينبغي فيه البسط، السنة في الدعاء أن تبسط وتطول؛ لسببين:

السبب الأول: أن إطالة الدعاء تدل على محبة الداعي؛ لأن الإنسان كلما أحب شيئًا أحب طول مناجاته، أليس كذلك؟ فأنت متصل بالله في الدعاء، فتطويلك الدعاء وبسطك بالدعاء دليل على محبتك لمناجاة الله عز وجل.

ثانيًا: أن التطويل يظهر فيه من التفصيل ما يدل على شدة افتقار الإنسان إلى ربه في كل حال.

الثالث: أن ذلك أحضر للقلب.

واعتبر هذا بقول القائل: اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، سره وعلانيته، وأوله وآخره، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي، هذا فيه تفصيل ولَّا لا؟ تفصيل وعمومات، لكن فائدته ما أشرت إليه من قبل.

(إنك تعلم منقلبنا ومثوانا) (إنك تعلم) الجملة تعليل لما سبق؛ يعني: دعوناك بهذا الدعاء؛ لأننا نعلم أنك تعلم منقلبنا؛ أي: ما ننقلب إليه، ومثوانا؛ أي: ما نصير إليه؛ لأن المثوى والمصير معناهما واحد.

(وأنت على كل شيء قدير) تتمة الدعاء، ولكنها من زيادات بعض الفقهاء؛ لأنها لم ترد في الحديث الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>