للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعُلم من كلامه أنه لا استفتاح فيها؛ أي: في صلاة الجنازة، وعلل العلماء الذين يقولون بهذا بأن هذه الصلاة مبنية على التخفيف؛ ولهذا ليس فيها ركوع، وليس فيها سجود، وليس فيها قراءة مطولة زائدة على الفاتحة، بل ولا قراءة زائدة مطلقًا على قول بعض العلماء، وليس فيها تشهد، وليس فيها إلا تسليم واحد، فهي مبنية على التخفيف، إذن من التخفيف ألا يستفتح، وقال بعض أهل العلم: بل يستفتح؛ لأنها صلاة، فيستفتح لها كما يستفتح لسائر الصلوات.

يقول رحمه الله: (بعد الفاتحة) أفادنا أيضًا أن الفاتحة لا بد منها، وهو كذلك، فالفاتحة في صلاة الجنازة ركن؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» (٢٤)، وصلاة الجنازة صلاة.

(ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في الثانية، كالتشهد) يصلي في الثانية؛ أي: في التكبيرة الثانية، (كالتشهد) يعني: كما يصلي عليه في التشهد.

والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في التشهد هي: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.

وإن اقتصر على قوله: اللهم صلِّ على محمد، كفى كما يكفي ذلك في التشهد.

(ويدعو في الثالثة) يعني: في التكبيرة الثالثة يدعو بالدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم إن كان يعرفه، فإن لم يكن يعرفه فبأي دعاء دعا جاز، إلا أنه يخلص الدعاء للميت؛ أي: يخصه بالدعاء.

ومنه: (اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا).

(اللهم اغفر) أي: يا الله اغفر، والمغفرة: ستر الذنب مع التجاوز عنه، ليست ستر الذنب فقط، بل لا بد من ستر وتجاوز، وهي مأخوذة من المِغْفَر الذي يُغَطَّى به الرأس عند القتال؛ لأنه يتضمن سترًا ووقاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>