للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَارْحَمْهُ) بحصول المطلوب، ولهذا يجمع بين المغفرة والرحمة كثيرًا؛ لأن بالمغفرة النجاة من المرهوب، وبالرحمة حصول المطلوب.

(وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ)، عافِه مما قد يصيبه من السوء كعذاب القبر مثلًا، (وَاعْفُ عَنْهُ) تجاوز عنه ما فرَّط فيه من الواجب في حال الحياة، فالعفو التسامح والتجاوز عن الأوامر، والمغفرة محو آثار الذنوب بالمخالفة.

(وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ)، يقال: نُزُلَه، بالضم، ويقال: نُزْلَه، بالسكون؛ وهو القِرَى، أي الإكرام الذي يقدَّم للضيف، والإنسان الراحل هو في الحقيقة قادم على دار جديدة، فتسأل الله أن يكرم نزله، أي: ضيافته.

(وَأَوْسِع مُدْخَلَهُ)، يقال: مَدْخَل ومُدْخَل، بالضم والفتح، فالمُدخل بالضم الإدخال، والمَدْخَل اسم مكان، أي: مكان الدخول، وعلى هذا فالفتح أحسن، يعني أَوْسِع مكان دخوله، والمراد به القبر، أن الله يوسِّعه له، وذلك لأن القبر إما أن يضيق على الميت حتى تختلف أضلاعه، والعياذ بالله، وإما أن يوسع له مد البصر، فأنت تسأل الله أن يوسع مدخله.

(وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ)، الغسل بالماء يعني استعمال الماء فيما تلوث وما حصل فيه أذى من أجل إزالة التلويث والأذى، وهنا المراد بالغسل غسل آثار الذنوب، وليس المراد أن يغسل شيئًا حسيًّا؛ لأن الغسل الحسي قد تم بالنسبة للميت قبل أن يُكَفَّن، ولهذا قال: (بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ).

أورد بعض العلماء على هذا إشكالًا، وقال: إن الغسل بالماء الساخن أنقى، فلماذا قال: (بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ)؟

وأجابوا عن ذلك بأن المراد غسله من آثار الذنوب، وآثار الذنوب نار محرقة، فيكون المضاد لها الماء والبرودة، وقال: (الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ).

<<  <  ج: ص:  >  >>