للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ) هذا فيه إشكال، سواء كان المصلَّى عليه رجلًا أم امرأة؛ لأنه إن كان المصلَّى عليه رجلًا، وقلنا: أبدله زوجًا خيرًا من زوجه، فهذا يقتضي أن الحور خير من نساء الدنيا، وإن كان امرأة فهذا يقتضي أننا نسأل الله أن يفرِّق بينها وبين زوجها، ويبدلها بخير منه، صح؟ فهذان إشكالان.

أما الجواب عن الأول: (أبدله زوجًا خيرًا من زوجه) فنقول: ليس فيه دلالة صريحة على أن الحور خير من نساء الدنيا؛ لأنه قد يكون المراد خيرًا من زوجه في الأخلاق، لا في الخيرية عند الله عز وجل.

وبهذا الجواب يتضح الجواب عن الإشكال الثاني، وهو أن المرأة إذا قلنا: أبدلها زوجًا خيرًا من زوجها، فإنه يعني أننا نسأل الله أن يفرِّق بينهما؟

فنقول: الجواب أن خيرية الزوج هنا ليست خيرية في العين، بل خيرية في الوصف، وهذا يتضمن أن يجمع الله بينهما في الجنة؛ لأن أهل الجنة ينزع الله ما في صدورهم من غِلٍّ، ويبقون على أصفى ما يكون، والتبديل كما يكون في العين يكون في الصفة، ومنه قوله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ} [إبراهيم: ٤٨]، فالأرض هي الأرض بعينها، لكن اختلفت، وكذلك السماوات، فهذا هو الجواب عن هذا الإشكال.

قال: (وَأَدْخِلْهُ الجَنَّةَ، وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ النَّارِ)، أدخله الجنة هي دار المتقين -نسأل الله أن يجعلني وإياكم من أهلها- كما قال الله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: ١٣٣].

(وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ)؛ لأن القبر فيه عذاب، ولكن الله تعالى قد يَقِي الإنسان عذابه إذا ألَحَّ على الله في الدعاء، كما أمر النبي عليه الصلاة والسلام، قال: «تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» (٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>