وأما قولكم: إنه لا يجتمع مسح وغسل في عضو، فهذا منتقض؛ فإذا كانت الجبيرة مثلًا في نصف الذراع، اجتمع فيه مسح وغسل؛ مسح على الجبيرة، وغسل على ما ليس بجبيرة، فعلى فرض أنه لا بد من ستر كل شيء نقول: ما ظهر فيُغسل، وما استتر بالخُفّ فيُمسح كالجبيرة، هذا على تسليم أن ما ظهر فرضه الغسل، ولكننا لا نُسلِّم؛ لأننا نقول: إن قولكم ما ظهر فرضه الغسل مبنيّ على أنه يشترط أن يكون ساترًا للمفروض.
وهذا الذي ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية هو الراجح؛ لأن هذه الأمور ما تسلم غالبًا من أيش؟
طلبة: من خروق.
الشيخ: من الخروق ما تسلم، فإذا كانت لا تسلم، فكيف نلزم الناس ونشق عليهم؟ ! ثم إنه يوجد الآن في عهدنا هذا يوجد شُراب رهيفة جدًّا؛ جوارب رهيفة، ويستعملها كثير من الناس، ويرون أن ذلك مفيد للرِّجل، وقد بَعث النبي عليه الصلاة والسلام سارية، فأمرهم أن يمسحوا على العصائب، وعلى التَّساخِين (١). التساخين هي الخفاف؛ لأنها يحصل بها تسخين الرِّجل، وتسخين الرِّجل يحصل من مثل هذه الجوارب، إذن صار هذا الشرط محلّ خلاف بين أهل العلم ..
طالب: القاصر يا شيخ؟
الشيخ: القاصر إن عُد خُفًّا فهو خُفّ، مثل: لو كان يظهر الكعب، لكنه يُسمَّى خُفًّا.
طالب: يُمسح عليه ولَّا لا؟
الشيخ: يُمسح عليه نعم.
طالب: يصير الاحتياط في مثل هذا وسوسة؛ يعني لو إنسان احتاط، قال: عندي جوارب، هذا ليس فيها خرق، فأمسح على التي ليس فيها الخرق، وأترك المخروق أو أتقصد المخروق؛ لأنه يسير.
الشيخ: أقول: حسب ما يظهر من الأدلة؛ إن كان الرجحان عنده بينًا فلا حاجة للاحتياط، وإن كان الرجحان عنده يسيرًا فالاحتياط أوْلَى بلا شك.