للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشهور من المذهب: لا، والقول الثاني: أن من كان مثله -أي: مثل أهل الغلول أو قاتلي أنفسهم- أو أشد منهم فإنه لا يصلي الإمام عليه؛ وذلك لأن الشرع إذا جاء بالعقوبة على جرم من المعاصي فإنه يلحق به ما يماثله أو ما هو أشد، فإذا كان الذي غَلَّ هذا الشيء اليسير لم يصل عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فما بالك بمن يقف للمسلمين في الطرق ويقتلهم ويأخذ أموالهم ويريعهم! أليس هذا من باب أولى أن ينكل به؟ الجواب: بلى؛ ولهذا الصحيح أن ما ساوى هاتين المعصيتين ورأى الإمام المصلحة في عدم الصلاة عليه فإنه لا يصلي عليه.

ثم قال: (ولا بأس بالصلاة عليه في المسجد) لا بأس بالصلاة على الميت في المسجد، وإنما قال: (لا بأس) ردًّا لقول من يقول: إنه لا تجوز الصلاة على الأموات في المساجد؛ لأن المساجد إنما بنيت للصلاة وقراءة القرآن والذكر، لا لأن تحمل إليها الجنائز ليُصَلَّى عليها فيها، ولأنه ربما يحصل من الميت تلويث للمسجد؛ يخرج منه خارج، أو يكون فيه رائحة كريهة، أو ما أشبه ذلك؛ فلهذا كره بعض العلماء أن يُصَلَّى على الأموات في المساجد، ولكن الصحيح أنه لا بأس في ذلك.

فإذا قال قائل: على هذا القول -أعني الكراهة- أين يصلى على الجنائز؟

نقول: يعد مُصَلًّى خاص للجنائز، كما هو متبع في كثير من البلاد الإسلامية، يعد مُصَلًّى خاص للجنائز، وينبغي إذا عملنا بهذا العمل -أعددنا مُصَلًّى خاصًّا- أن يكون هذا قريبًا من المقبرة؛ لأنه أسهل على المشيعين؛ لأن الناس إذا اجتمعوا -مثلًا- في مسجد في داخل البلد صار في ذلك مضايقة؛ لأنهم ينفرون مع الجنازة جميعًا، وقد تكون المقبرة بعيدة، لكن إذا كان مصلى الجنائز قريبًا من المقبرة صار الناس يأتون أرسالًا من بيوتهم إلى هذا المصلى، ثم يصلون عليه في المسجد، وإذا خرجوا جميعًا فإن المقبرة تكون قريبة ما يحصل فيها مشقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>