للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودليل ذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام لما ماتت ابنته زوجة عثمان رضي الله عنه، وخرج إلى المقبرة، وحان وقت دفنها، قال: «أَيُّكُمْ لَمْ يُقَارِفِ اللَّيْلَةَ؟ » - «لَمْ يُقَارِفِ» قال العلماء: معناه: لم يجامع- فقال أبو طلحة: أنا، فأمره أن ينزل في قبرها (٢٧)، مع أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو أبوها، وزوجها عثمان بن عفان كانا حاضرين، فدل ذلك على أنه لا يشترط في تنزيل المرأة في قبرها أن يكون المنزل لها من محارمها.

ثم إنه إذا نزله في القبر يقول المؤلف: (يضعه في لحده على شقه الأيمن) ليس على سبيل الوجوب، ولكن على سبيل الأفضلية أن يكون على الشق الأيمن، وعللوا ذلك بأنها سنة النائم، والموت والنوم كلاهما وفاة، فإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام أمر النائم بأن يكون على الجنب الأيمن فالموت كذلك، فيضعه على الجنب الأيمن.

وقال: (مستقبل القبلة) مستقبل القبلة وجوبًا؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْكَعْبَةُ قِبْلَتُكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا» (٢٨)، ولأن هذا عمل المسلمين الذي أجمعوا عليه، ولأنه أفضل المجالس.

فإن وضعه على جنبه الأيسر مستقبل القبلة فهو جائز، لكن الأفضل أن يكون على الجنب الأيمن، ولم يذكر المؤلف رحمه الله أنه يضع تحته وسادة لبنة أو حجرًا، فظاهر كلامه أنه لا يُسَن أن يضع تحت رأسه لبنة كالوسادة له، وهذا هو الظاهر عن السلف، فإن من خطب عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه قال: إنكم تدعون الميت في صدع من الأرض غير موسد ولا ممهد (٢٩)، وعلى هذا فلا يحتاج إلى وسائد.

واستحب بعض العلماء أن يوضع له وسادة؛ لبنة صغيرة ما هي كبيرة؛ لتكون له كالوسادة.

ثم إن المؤلف لم يذكر أن يُكْشَف شيء من وجهه، وعلى هذا فلا يُسَن أن يُكْشَف شيء من وجه الميت، فليدفن ملفوفًا في أكفانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>