للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعض العلماء: إنه يُكْشَف عن خده الأيمن؛ ليباشر الأرض، واستدلوا بأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: إذا أنا مت ووضعتموني في القبر، فأفضوا بخدي إلى الأرض (٣٠) يعني: اجعلوه مباشرًا للأرض.

وقالوا: إن هذا أيضًا فيه استكانة وذل؛ أن يضع الإنسان خده على الأرض مباشرة، ولكن كثيرًا من أهل العلم لا يرون ذلك، فأما كشف الوجه كله فلا أصل له، وليس فيه دليل، إلا فيما إذا كان الميت مُحْرِمًا؛ فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ» (٣١) على أحد اللفظين، وإن كانت هذه اللفظة اختلف العلماء في ثبوتها، أما الرأس بالنسبة للمحرم فإنه لا يغطى.

إذن نقول: وضع اللبنة الأصل عدم سنيته؛ وضع اللبنة تحت رأسه، فإذا كان هذا هو الأصل فمن ادعى أنه سنة فعليه الدليل، ولا أعلم في ذلك سنة؛ ولهذا عده بعض العلماء من البدع، وأما الكشف عن شيء من وجهه فهذا يروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأما كشف جميع الوجه فلا أصل له.

ثم قال المؤلف: (ويُرْفَع القبر عن الأرض قدر شبر مسنمًا) يعني: السنة أن يُرْفَع القبر عن الأرض، وهو كما أنه سنة فإن الواقع يقتضيه؛ لأن تراب القبر سوف يعاد إلى القبر، ومعلوم أن الأرض قبل حرثها أشد انضمامًا مما إذا حرثت فلا بد أن يربو التراب، هذا من وجه.

ومن وجه آخر: أن مكان الميت كان بالأول ترابًا، والآن صار فضاء، فهذا التراب الذي كان في مكان الميت بالأول سوف يكون فوق، فالسُّنة أن يرفع القبر قدر شبر، وهذا أيضًا هو الواقع.

<<  <  ج: ص:  >  >>