للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما وُجِدَت هذه المسائل الفردية قلنا: الأصل الجواز حتى يقوم دليل على المنع، أما لو كان هناك دليل على المنع لقلنا: هذه المسائل أو هذه القضايا التي وردت تكون مخصِّصَة للمنع، لكن لم يرد ما يدل على منع التصدق، أو على منع التقرب إلى الله تعالى بقربة تكون لغيره.

فإن قال قائل: ما الجواب عن قوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: ٣٩]؟

فالجواب عنها: أن مَنْ قَرَأَ الآيات عرف المراد بها، {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (٣٦) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (٣٧) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (٣٨) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: ٣٦ - ٣٩]، فكما أن وِزْرَ غيرك لا يُحْمَل عليك، فكذلك سَعْيُ غيرك لا يُجْعَل لك، والمعنى أن سعيك لا يضيع، وأنك لا تحمل وِزْرَ غيرك، هذا المعنى.

لكن لو أن أحدًا سعى لك فما المانع؟ أليس الرجل الذي يظلم غيره يأخذ الناس من حسناته تضاف إلى حسناتهم، مع أنهم ما سَعَوْا لها، فالمعنى أن الإنسان كما لا يزر وِزْرَ غيره لا يملك سَعْيَ غيره، فليس له إلا ما سعى، وأما أن يسعى غيرُه له فهذا لا مانع منه.

فالآية لا تدل على منع سَعْيِ الغير له، بل تدل على أنه ليس له من سعي غيره شيء، كما أنه لا يَحْمِل من وِزْر غيره شيئًا، وما دام هذا هو المعنى فإنه لا يصح الاستدلال بها على المنع.

يبقى النظر هل عمل العامة اليوم على صواب؟ وعمل العامة لا يعملون شيئًا إلا جعلوه لوالديهم وأعمامهم وأخوالهم، وما أشبه ذلك، حتى في رمضان يقرؤون القرآن يقول: أول ختمة للأم، والثانية للأب، والثالثة للجدة، والرابعة للجد، والخامسة للعم، والسادسة للعمة، والسابعة للخال، والثامنة للخالة، وماذا يكون له؟

طالب: أخاف يعطون الجيران.

<<  <  ج: ص:  >  >>