ولا نقيسهم بالحجر الأسود؛ لأن الحجر الأسود عندنا دلالة حسية ملموسة، وهي أنه حجر، حتى ولو كان حجرًا فإنه يسمع، قال الله تعالى عن الأرض عمومًا: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (٤) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (٥)} [الزلزلة: ٤، ٥]{تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا}، أي: ما عُمِلَ عليها من خير أو شر، سواء كان قولًا مسموعًا أو فعلًا مرئيًّا تُحَدِّث به يوم القيامة، الجلود تنطق، أنطقها الله الذي أنطق كل شيء.
فلا تستبعد هذه الأمور؛ لأن قدرة الله عز وجل لا يمكن أن يدركها العقل، فلا يبعد أنك إذا قلت لأهل المقبرة: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، أنهم يسمعون.
وقوله:(دار قوم مؤمنين)، (دار قوم) يعني: يا دار قوم، والمراد بالدار هنا أهلها، كما في قوله تعالى {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}[يوسف: ٨٢] والمراد أهلها.
(وإنا إن شاء الله بكم لاحقون)، لاحقون على أيش؟ بالموت، يعني: إذا قلنا: لاحقون بالموت، ورد علينا إشكال، وهو تعليق ذلك بمشيئة الله مع أنه مُحَقَّق، والمحقق لا يحتاج إلى تعليق بالمشيئة، التعليق بالمشيئة لأمر لا يُدْرَى عنه فيُوكَل إلى الله عز وجل، أما هذا ما فيه شك، كيف تعلق بالمشيئة وأنت تعلم أنه حاصل ولا بد، {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُم}[الجمعة: ٨]، ليس لاحقًا لكم، شو الآية؟ {فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُم}، ولم يقل: فإنه لاحقكم؛ لأن اللاحق قد يُدْرِك وقد لا يدرك، لكن اللاقي؟
طلبة:( ... ).
الشيخ: مدرك لا محالة، نسأل الله أن يميتنا وإياكم على الحق.
المهم أنه يَرِد إشكال: تعليق الشيء المحقَّق بالمشيئة غير وارد ولا مشروع، فقيل في التخلص من هذا الإيراد: وإنا إن شاء الله بكم لاحقون على الإيمان، فيكون لحوقًا معنويًّا لا حسيًّا، بدليل قوله:(دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون) على الإيمان، أعرفتم؟