للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: زيارة، فعليه يكون المعنى: ويُسَنُّ أن يقول، أما إذا جعلناها بالرفع فهي مستأنفة.

(ويقولَ إذا زارها أو مر بها)، (إذا زارها) يعني قصد زيارتها وخرج إليها، (أو مر بها) مرورًا قاصدًا غيرها.

(السلام عليكم دار قوم مؤمنين)، السلام اسم من أسماء الله، كما في آخر سورة الحشر: {السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ} [الحشر: ٢٣]، لكنه في التحية لا يُرَاد به اسم الله، وإنما يُرَاد به التسليم، فهو اسم مصدر كالكلام بمعنى أيش؟ التكليم، والمعنى: التسليم عليكم، أي: الدعاء بالسلامة عليكم، والسلامة بالنسبة لأهل القبور قد يَصْعُب على الإنسان تَصَوُّرُها، يسلمون من أيش؟ من المرض؟ لا، لكن من العذاب، قد يكون الإنسان في قبره مُعَذَّبًا ولو عذابًا خفيفًا، فإذا سألت الله له السلامة سَلِم، ثم أنت الآن تُسَلِّم على عموم القبور، السلام عليكم.

وقوله: (السلام عليكم) أتى بكاف الخطاب، فهل الكاف هذه تدل على أنهم يسمعون؟ لأنه لا يخاطَب إلا مَن يسمع، ما لم يقم دليل ظاهر على أن المخاطَب لا يسمع، وإنما قلت: ما لم يقم دليل ظاهر؛ لئلا يُورِدَ علينا مُورِد قولَ عمر رضي الله عنه للحجر الأسود: إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يُقَبِّلُك ما قَبَّلْتُك (١٤).

فهنا خاطبه وهو حَجَر، لكن أهل القبور هل هم يخاطَبون مخاطبة الحجر، أو مخاطبة السامع؟

الظاهر الثاني، وقد ذكر ابن القيم في كتاب الروح حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم يتضمن أن «مَنْ سَلَّمَ عَلَى قَبْرٍ وَهُوَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا رَدَّ اللهُ عَلَى صَاحِبِ الْقَبْرِ رُوحَهُ فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ» (١٥)، فلا يبعد أن يكون أهل المقبرة عمومًا إذا سلم عليهم يسمعون.

<<  <  ج: ص:  >  >>