للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: ما تقولون في اللفظ الوارد في الحديث: لَعَنَ زوَّاراتِ القبور والْمُتَّخِذِين عليها المساجد والسُّرُج (١٣)، (زوَّارَات) بصيغة المبالغة؟

فالجواب أن نقول: إن الحديث ورد بلفظين: (زَائِرَات) و (زَوَّارَات)، فإن كانت (زَوَّارَات) للنسبة، فلا إشكال، وإن كانت للمبالغة فإن لفظ (زائرات) فيه زيادة علم، فيؤخذ به؛ لأن (زائرات) يصدق بزيارة واحدة، و (زَوَّارَات) بالكثير للمبالغة.

ومعلوم أن الوعيد إذا جاء معلَّقًا بزيارة واحدة ومعلَّقًا بزيارات متعددة، فإن مع المعلّق بزيارة واحدة أيش؟ زيادة علم؛ لأنه يحق الوعيد على مَن زَارَ مرة واحدة على لفظ (زَائِرَات) دون لفظ (زَوَّارَات)، فيكون مع لفظ (زَائِرَات) زيادة علم، فيؤخذ به، لكن لو أخذنا بـ (زَوَّارَات) ألغينا دلالة (زَائِرَات).

وقد تكلم شيخ الإسلام رحمه الله على هذه المسألة في الفتاوى مجموع ابن قاسم كلامًا جيدًا ينبغي لطالب العلم أن يراجعه، وبَيَّن أو وذَكَر أظن ثمانية أوجه في الرد على مَن قال: إن النساء يُسَنُّ لهن زيارة القبور، فراجِعُوه فإنه مفيد جدًّا.

قال: (تُسَنُّ زيارة القبور إلا للنساء، ويقول: إذا زارها)، نقول: يقولُ، أو ويقولَ؟ إن جعلنا الواو للاستئناف قلنا ..

طالب: بالرفع.

الشيخ: بالرفع؛ يقولُ، وإن جعلناها عطفا على (زيارة) قلنا: ويقولَ؛ لأن المضارع إذا عُطِفَ على اسم خالص نُصِبَ.

قال ابن مالك:

وَإِنْ عَلَى اسْمٍ خَالِصٍ فِعْلٌ عُطِفْ

تَنْصِبُهُ أَنْ ثَابِتًا أَوْ مُنْحَذِفْ

(وإن على اسم خالص فِعْلٌ عُطِفْ)، يعني المضارع، (تنصبه أنْ ثابتًا)، يعني ثابتة، (أو منحذف) محذوفة.

واستشهدوا لذلك بقول الشاعر:

وَلُبْسُ عَبَاءَةٍ وَتَقَرَّ عَيْنِي

أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ لُبْسِ الشُّفُوفِ

قوله: (لُبْسُ عَبَاءَةٍ وَتَقَرَّ) بالنصب؛ لأنها معطوفة على أيش؟ على (لُبْس) على اسمٍ خالص مصدر، هنا: ويقولَ، عطف على؟

طالب: زيارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>