للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو أنها مقيدة بوصف لا يمكن معه ترك الصلاة مثل حديث عتبان: «يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ» (٥)، وهل من المعقول أن رجلًا يقول: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله أن يحافظ على ترك الصلاة؟ أبدًا، لو كان صادقًا في ابتغاء وجه الله ما حافظ على ترك الصلاة، يقول: لا إله إلا الله، أبتغي بذلك وجه الله، ولا أصلي، هذا ما هو معقول؟ !

أو يكون مقيدًا بحال يُعذر فيها كحديث حذيفة في قوم اندرس الإسلام فيهم، ولم يعرفوا عن الإسلام شيئًا إلا قول: لا إله إلا الله، فهؤلاء لا شك أنهم ما داموا ينتمون للإسلام، ولكن لم يعرفوا من الإسلام إلا هذه الكلمة العظيمة فهم معذورون ومستحقون لدخول الجنة؛ لأن هذا غاية ما يمكنهم، وقد قال الله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦].

وأما حديث الشفاعة في «أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخْرِجُ مِنَ النَّارِ مَنْ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ» (٦)، فإن من العجب أن يستدل به هؤلاء على أن تارك الصلاة لا يكفر، وهم لا يستدلون به على أن تارك كلمة التوحيد لا يكفر، أعظم الخير، وأخير الخير قول: لا إله إلا الله، وهم لا يقولون بأن من ترك (لا إله إلا الله) يخرج من النار.

فنقول: إذا أخذتم بعموم هذا الحديث فخذوا به في حق أنفسكم وفي حق غيركم، قولوا: لم يعمل خيرًا قط، ومن الخير قول: لا إله إلا الله، أخرِجوا من لم يقل لا إله إلا الله من النار على كلامكم، فإذا كان عندنا دليل يدل على كفر تارك الصلاة، فنقول: هذا كافر أصلًا، والكافر لا تنفعه شفاعة الشافعين، سواء عمل خيرًا أم لم يعمل خيرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>