فالذي يظهر لي أننا إذا قلنا باستحباب إخراجها عن الجنين فإنما تخرج عمن نفخت فيه الروح، ولا تنفخ الروح قبل تمام أربعة أشهر؛ لحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق -الصادق فيما أخبر به، المصدوق فيما أخبر به، صادق مصدوق عليه الصلاة والسلام- قال:«إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُرْسَلُ إِلَيْهِ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ؛ بِكَتْبِ رِزْقِهِ، وَأَجَلِهِ، وَعَمَلِهِ، وَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ»(١٥)؛ ولهذا قال العلماء: السقط قبل أربعة أشهر لا يُغَسَّل ولا يُكَفَّن ولا يُصَلَّى عليه، وبعدها بالعكس يُغَسَّل ويُكَفَّن ويُصَلَّى عليه ويدفن مع المسلمين.
وقوله:(يستحب عن الجنين) استدلوا بأثر روي عن عثمان رضي الله عنه أنه أخرج عن الجنين (١٦)، وإلا فليس فيه سنة، ولكن يجب أن نعلم أن عثمان رضي الله عنه أحد الخلفاء الراشدين الذين أمرنا باتباع سنتهم، فإذا لم ترد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سنة تدفع ما سنه الخلفاء فسنتهم شرع، وبهذا نعرف أن الأذان الأول يوم الجمعة سنة بإثبات النبي صلى الله عليه وسلم له؛ لقوله:«عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ»(١٧).